حبذا روضة الحمى و شذاها – ابن شيخان السالمي

حبَّذا روضةُ الحمى وشذاها” … “فاحَ ينفي من الجسوم أذاها

آه ما أبردَ الصَّبا وأحرّ” … “القَلْبَ إذ أرسلت إليه نَداها

هذه نفحة دعُوها تلبي” … “داعياً من صدى القلوب دَعاها

طال عهدي بالغانيات ولكن” … “مهجتي قد تلفّتت لِلقاها

وبأكناف رامةٍ ظَبَياتٌ” … “جرّدت للأسود بيض ظُبَاها

رام أهل الهوى وصالاً فجذَّت” … “دون ساحاتها رؤوس مُناها

لستُ أنسى خوضي إليها قديماً” … “غَمْرة الموت في عُباب دُجاها

ليَ نفسٌ وصاحباها فؤاد” … “وحُسَامُ كِلٌّ يزيل عناها

فسقطنا على الحمى فرأينا” … “جالبات البلاء حولَ حماها

ورأينا لا وجه إلاّ صفاحَ البي” … “ض أن ضمها الحمى أو نضاها

وحمدنا اقتحام كل مخَوفٍ” … “كم عَنَا للنفوسِ يهدي غناها

غير أني بي نشوة من نسيم” … “يسترد الأرواح ممن قضاها

لا عجيب إذا سكرتُ وهذي” … “نفحة السيب دارَ كاسُ صبَاها

بلد بهجة الجنان وأقصى” … “أملِ العاشقين لَثْمُ ثراها

كم قلوبٍ تقلّبت في رُباها” … “ونفوسٍ تنفسّت في فضاها

حبذا الواديان منها فهل من” … “نهلة للنفوس تطفي لظاها

وأحاطت بها حدائقُ غُلبٌ” … “فتدلّت ظِلالُها وجناها

فهي مثل السلطان بين الرعايا” … “بين تلك الجنان عِزّاً وجاه

نشرت راية السرور إليها” … “واستوى فوق كل أرض لواها

خَلَعَ الدهر كلَّ طِيبٍ عليهَا” … “واكتسى كلَّ طيِّب جانباها

فإذا الأجسم الضعيفة مرَّت” … “للقاها ردّت إليها قُواها

كل قصرٍ لم ينعدم من قصور” … “غير قصرٍ تبوأتْه ذُراها

قد تمنّت نجوم كل سماء” … “رُكِّبت فيه كي يتم ضياها

فإذا ما دخلتَه قلتَ هذي” … “جنة الخلد قُدّمت كي نراها

قد كساها ابنُ أحمد الشهمُ حُسناً” … “فبه السيب قد علت في قراها

سيِّد طيب الشمائل سمحٌ” … “ذو أيادٍ لا زال يهمي حَياها

سابق في مَيادين أهلِ المعالي” … “حَاذِرٌ كلّ خصلة في علاها

يَقِظٌ لا ينام إلا اضطراراً” … “صابر في جَرّ الأمور بلاها

سلهُ الحاكم المطاع حُسَاماً” … “ما أتته دهياءُ إلا براها

ناظر في مصالح الدولة الغَرّ” … “اءِ فرد فيما يشيد بِناها

حمَلوه أعباء مطرح حتَّى” … “كفَّ عنها ما تعتني وكفاها

وتبدَّى يبدي المصالح فيهَا” … “فاستنارت ولاح ضوءُ سَناها

ولكم في محمد من خصال” … “طيِّبات لا يستطاع خفاها

كان لي بهجةً ومنهلَ فضل” … “وغياثاً يكفي النفوس عناها

لم يزل في كمالِ عزِّ ومجدٍ” … “يترقى من العلا في ذُراها