بعد الفراق – إبراهيم ناجي
أجل أهواكِ أنتِ مُنى حياتي … وأنت أحب من بصري وسمعي
وهل أنساكِ كلا لست أنسى … هوى قد كان إلهامي ونبعى
لبست من التصبرِ عنكِ درعا … فها أنا تنزعُ الأيامُ درعى
وها أنا لست أدري عنك سرا … عرفتِ محبتي ورأيتِ دمعي
تلاشت قوتي وغدا قؤادي … كأن خفوقَه خلجاتُ نزعِ
ابشره فيرقص في ضلوعي … وأنظرُ سودَ أيامي فأنعي
وقد نضبَ الخيالُ وغاض طبعي … ومات على حياض اليأسِ زرعي
أجرجرُ وحدتي في كل حشدٍ … وأحمل غربتي في كل جمع
مزَّقَته فصار والله لا يقدر … حتى أن يسأل اللهَ رفقا
لجةٌ بعد لجةٍ كلما صارع … ردت له أمانيهِ غرقى
فيلقٌ بعد فيلقٍ حجب الشمس … ولم يبقِ للنواظر أفقَا
وسنانُ الغروب تغزوه حمرا … وسنانُ العذاب تطعن زرقا
وجيوشُ الظلامِ تزحفُ زحفاَ … وثقالُ الأقدامِ تسحقُ سحقا…