بأبي جفونُ معذبي وجفوني – ابن سهل الأندلسي

بأبي جفونُ معذبي وجفوني … فَهِيَ التي جَلَبتْ إليَّ مَنُوني

ما كنتُ أحسَبُ أنَّ جفني قَبلها … يقتادني من نظرة ٍ لفتونِ

يا قاتلَ اللهُ العيونَ لأنها … حكمتْ علينا بالهوى والهون

ولقد كتَمتُ الحبَّ بَينَ جوانحي … حتى تكلّمَ في دُموعِ شُؤوني

هيهاتَ لا تخفى علاماتُ الهوى … كاد المريبُ بأن يقولَ : خذوني

وبمُهجَتي ألحاظُ ظَبية ِ وَجْرة ٍ … حراسُ مسكنها أسودُ عرين

سدوا عليَّ الطرقَ خوفَ طريقهم … فالطّيفُ لا يَسري على تأمِين

أوَما كَفاهُمْ مَنعُهمْ حتى رمَوا … مِنها مُبَرَّأة ً برَحْمِ ظُنون

و توهموا أنْ قد تعاطتْ قهوة ً … لمّا رأوها تَنثني مِن لِين

واستَفهمُوها: من سَقاكِ؟ وما درَوا … ما استُودِعَتْ من مَبسِمٍ وجُفون

ومِنَ العجائبِ أنهم قَدْ عرَّضُوا … بي للفتونِ وبعده عذلوني

خدعوا فؤادي بالوصالِ وعندما … شَبُّوا الهوى في أضلُعي هَجروني

لو لم يريدوا قتلتي لم يُطعموا … في القربِ قلبَ متيمٍ مفتون

لم يرحموني حين حان فِراقُهم … ما ضرَّهُمْ لَوْ أنهم رَحِموني

ومِنَ العَجائبِ أن تَعجّبَ عاذلي … مِن أن يَطولَ تشوُّقي وحنيني

يا عاذلي ذرني وقلبي والهوى … أأعَرتني قلباً لحملِ شُجوني

يا ظبية ً تلوي ديوني في الهوى … كَيفَ السبيلُ إلى اقتضاء دُيوني

بيني وبينكِ حين تأخذُ ثارها … مرضى قلوبٍ من مراضِ جفونِ

ما كان ضَرَّكِ يا شقيقة َ مُهجتي … أن لو بَعثتِ تحيّة ً تُحْيِيني

زكيجمالاً أنتِ فيه غنية ٌ … و تصدقي منهُ على المسكين

مني عليَّ ولوْ بطيفٍ طارقٍ … ما قَلَّ يَكثُرُ من نَوالِ ضنين

ما كنتُ أحسَبُ قبل حُبّك أن أرى … في غيرِ دارِ الخلدِ حورَ العين

قَسَماً بحُسنكِ ما بَصُرتُ بمثلِهِ … في العالمينَ شهادة ً بيمين