الميعاد – إبراهيم ناجي

إن عُدتَ أو أخلفتَ لم تعدِ … أنا إِلف روحك آخر الأبدِ

ظمأٌ على ظمإِ على ظمإِ … ومواردٌ كثرٌ ولم أردِ

مرَّ الظلاُم وأنت لي شجنٌ … وأتى النهارُ وأنت في خلدي

لا يسمع البحرُ الغضوبُ إلى … شاكٍ ولا يصغي إلى أحدِ

كم لاح لي حربُ الحياة على … أمواجهِ المجنونةِ الزبدِ

ورأيتُ طيفَ الضنك مرتسما … في عاصفِ الأنواءِ مطَّردِ

في الليل مدَّ رواقَه وثوى … كجوانحٍ طُويت على حسدِ

قبر مَباهجُه بلا عددٍ … لفتى متاعبُه بلا عددِ

مَن يومه يوم بلا أملٌ … وغدٌ بلا سلوى وبعد غدِ

لولاك والعهد الذي عقدتْ … بيني وبينك مهجتي ويدي

أضجعتُ جنبي جوفَ غيهبه … وأرحتُ فيه باليَ الجسدِ

يا مختلفَ الميعادِ عُدْ لترى … جزعَ الغريبِ وضيعةَ الرشدِ

وليالياً موصولةً سهراً … أبديةً حجريةَ الكبدِ

وطليحَ أسفارٍ وعلّته … قتالة لَم تشفَ في بلدِ

يا شعر أيامي وأغنيتي … وغليل ظمآن الشفاه صدي

يا ظالمي عيناك كم وعدت … قلبي إذا شفتاك لَمِ تعدِ