العيد ما ابتهجت به الأرواح – ابن شهاب

العيد ما ابتهجت به الأرواح … وعلى القلوب به تدار الراح

العيد ما ملأ الضمير مسرّة … وزهت به الإمساء والإصباح

العيد عيد جلوس أكرم من علا … عرش الجلال له الجلوس يتاح

يوم به الملك ابن أفضل قد بدا … فوق السرير جبينه الوضّاح

ملك هو المأمون في آرائه … وعلى العدى المنصور والسفاح

ملك إلى غير المكارم والندا … والمجد والعلياء لا يرتاح

من آل آصف الغطارفة الأولى … بهم يُذَلُّ الصعب والجماح

تعنو الخصوم لهم وتجثو سجّدا … مهما تشن الغارة الملحاح

ولنعم ما خلَفوا لرفع منارهم … إن الإناء بما حوى نضّاح

خواض غمرة لج محتدم الوغى … إن صدّ عنها الماهر السباح

وإذا جرت جرد الملوك إلى مدى … سبق الملوك جواده الضباح

وإذا به قست الملوك وجدتهم … وشلا وهذا الصيب السحساح

شمل الرعية عدله حتى استوى … فيه الأمير القرم والفلاح

صلحت بهمّته المدائن والقرى … وأخو الأبوة شانه الإصلاح

وتفيّأت سكّانها في ظلِّه … وزكت بها الثمرات والأرباح

بربوعه شمس التمدّن أشرقت … وانجاب عنها ليلها الجناح

شِيدت صروح العلم في أيامه … وقد اشمخرّت فالضريح ضراح

ألقى مقاليد المعارف للذي … ما انفكّ وهو إلى العلا طمّاح

أعني عماد الملك ربّ القوس … باريها الهمام السيّد الجحجاح

حلاّل عقدة كل لغز مبرم … بحر يموج وغيره الضحضاح

بوركت مأموراً وبورك آمراً … أخلاقه الإعضاء والإسجاح

من مثل محبوب العلي إذا انبرت … تهب الجوائز كفّه والراح

أقسمت لا مستثنياً أن ليس في … ظهر البسيطة مثله يمتاح

فلنرفع الأيدي ونصفن للذي … لم يعيه التسآل والإلحاح

متشفّعين بجاه خير وسيلة … في الكون وهي الخمسة الأشباح

أن يجعل النصر المبين قرينه … ويديله من فتحه الفتّاح

حتى يؤب بكيده في نحره … خوّانه وعدوّه النّباح

ويديمه كنفاًَ لمن في ظلّه … حتى تدوم لهم به الأفراح

وإليه نضرع أن يؤيد نجله … حتى يثج سحابهُ الدلاّح

ويقيمه من بعد طول بقائه … متمكّناً ولخصمه ذّباح

يا أيها الملكان إن ثناكما … مما تضيق برقمه الألواح

لكن إذا ما جئت منه بنفثة … سطعت وضاع عبيرها النفاحُ