العائد – إبراهيم ناجي

أجرْ غربتي أيها العائدُ … فقد ملّني الداءُ والعائدُ

أجرْ غربتي فبلادي الهموم … وليلٌ بطيء الخطى راكدُ

تقاسمني في نواك الديار … وأنتَ لي الوطن الواحدُ

محياك داري ومنك نهاري … إذا ضمك الصدرُ والساعدُ

أجرْ شفتي من عذاب الظما … أما أذن اللهُ أن ترحما

أتمعن في الهجر حتى ترانا … بكينا دما واحترقنا فما؟

ولي رمقٌ صنتُهُ كي أراك … فاشفِقْ على رمقي ريثما

إذا طلب الحبُّ برهانَهُ … من الموت لبَّيتُ كي تعلما..

لياليّ مرت هباء عقيما … فهل تتوالى البواقي سدى؟

أسائل جرحيَ عمن جناهُ … وارنو فاستخبر العودا

فما اطلعوا اليوم بالبشريات … ولا عللوا بالتلاقي غدا…

فلما تنكرَ حتى المحب … تلفت أسألُ عنك العدا

سلام على غائب عن عيوني … حملت حطامي إلى دارهِ

وقلت لقلبي تمهل بنا … وخبئ شقاءَك أو دارهِ

تناسَ الأسى ها هنا أو يقال … حملتَ الظلامَ لأنوارهِ…

أتغدو إلى عتبات النعيم … بلفحِ الجحيم وإعصاره..