الأجنحة المحترقة – إبراهيم ناجي
يا أمتي كم دموعٍ في مآقينا … نبكي شهيديك أم نبكي أمانينا؟
يا أمتي إن بكينا اليوم معذرةً … في الضعفِ بعضُ المآسي فوق أيدينا
واهاً على السرب مختالاً بموكبه … وللنسور على الأوكار غادينا
قالوا الضباب فلم يعبأ جبابرةٌ … لا يدركون العلا إلاّ مضحِّينا
والمانش يعجب منهم حينما طلعوا … على غوارِبِهِ الغيرى مطلِّينا
فاستقبلتهم فرنسا في بشاشتها … تجزي البسالة ورداً أو رياحينا
قالوا النسور فهبَّ القومُ وادَّكروا … نسراً لهم ملأَ الدنيا ميادينا
وهلل السِّين إذ هلَّت طلائعنا … طلائع المجد من أبناء وادينا
حان الأمانُ ووافَى السربُ فافتقدوا … نسرين ظنوهما قد أبطآ حينا
لكنه كان إبطاءَ الرَّدى فهما … لما دعا المجد قد خَفَّا ملبينا
فلبيكِ من شاء وليُشبعْ محاجرَهُ … ولينتحبْ ما يشاءُ الحزنَ باكينا
يبكي الحبيب وتبكي فقد واحدها … من لا ترى بعده دنيا ولا دينا
هُنيهة ثم يسلو الدمعَ ساكبُه … لا يدفعُ شيئاً من عوادينا
فكلما حلَّ رزءٌ صاحَ صائحُنا: … فداك يا مصر لا زلنا قرابينا
فداك يا مصر هذا النجم منطفئاً … والنسر محترقاً والليث مطعونا