إن تسألي عن مصرَ حواءِ القرى – أحمد شوقي

إن تسألي عن مصرَ حواءِ القرى … وقرارة ِ التاريخِ والآثارِ

فالصُّبحُ في منفٍ وثيبة واضحٌ … مَنْ ذا يُلاقي الصُّبحَ بالإنكار؟

بالهَيْلِ مِن مَنْفٍ ومن أَرباضِها … مَجْدُوعُ أَنفٍ في الرّمالِ كُفارِي

خَلَتِ الدُّهُورُ وما التَقَتْ أَجفانُه … وأتتْ عليه كليلة ٍ ونهار

ما فَلَّ ساعِدَه الزمانُ، ولم يَنَلْ … منه اختلافُ جَوارِفٍ وذَوار

كالدَّهرِ لو ملكَ القيامَ لفتكة ٍ … أَو كان غيرَ مُقَلَّمِ الأَظفار

وثلاثة ٍ شبَّ الزمانُ حيالها … شُمٍّ على مَرّ الزَّمانِ، كِبار

قامت على النيلِ العَهِيدِ عَهِيدة ً … تكسوه ثوبَ الفخرِ وهيَ عوار

من كلِّ مركوزٍ كرَضْوَى في الثَّرَى … متطاولٍ في الجوَّ كالإعصار

الجنُّ في جنباتها مطروة ٌ … ببدائع البنَّاءِ والحفَّار

والأَرضُ أضْيَعُ حِيلة ً في نَزْعِها … من حيلة ِ المصلوبِ في المسمار

تلكَ القبورُ أضنَّ من غيب بما … أَخفَتْ منَ الأَعلاق والأَذخار

نام الملوك بها الدُّهورَ طويلة ً … يجِدون أَروحَ ضَجْعَة ٍ وقرار

كلُّ كأهلِ الكهف فوقَ سريره … والدهرُ دونَ سَريرِه بهِجَار

أملاكُ مصرَ القاهرون على الورى … المنزَلون منازلَ الأَقمار

هَتَكَ الزمان حِجابَهم، وأَزالهم … بعدَ الصِّيانِ إزالة َ الأسرار

هيهاتَ لم يلمسْ جلالهمو البلى … إلا بأَيدٍ في الرَّغام قِصار

كانوا وطرفُ الدهر لا يسمو لهم … ما بالهمْ عرضول على النُّظَّار؟

لو أُمهلوا حتى النُّشُورِ بِدُورِهم … قاموا لخالقهم بعير غبار