إذا خاب داعٍ أو تناهَى دعاؤه – ابن الرومي

إذا خاب داعٍ أو تناهَى دعاؤه … فإنّيَ داعٍ والإلهُ مجيبُ

دعاءَ امرىء ٍ أحييتَ بالعُرْفِ نفسَهُ … وذاك دعاءٌ لا يكاد يَخيبُ

أدامَ لك اللهُ المكارمَ والعلا … فإنهما شيءٌ إليك حبيبُ

وأبقاكَ للمُدَّاح يُهدون مدحَهم … إليك على عِلاّتهمْ وتُثيبُ

تكشَّف ذاك الشّكوُ عنك وصرَّحَتْ … محاسنُ وجهٍ بُردهُنَّ قشيبُ

كما انكشفت عن بدرِ ليلٍ غَمامة ٌ … أظلَّت وولتْ والمرَادُ خصيبُ

أغاثت ولم تَصْعق وإن هي أرعدت … فمات بها جَدْبٌ وعاش جديبُ

شَكاة ٌ أجدَّت منك ذكرى وأنشأت … سحائبَ معروفٍ لهن صبيبُ

وأعقبَها بُرءٌ جديدٌ كأنه … شبابٌ رَديد شُقَّ عنه مشيبُ

وبالسَّبْكِ راقت نُقرة ٌ وسبيكة ٌ … وبالصقل راعَ المُنتضينَ قضيبُ

ففي كل دارٍ فرحة ً بعد ترْحة ٍ … وفي كل نادٍ شاعرٌ وخطيبُ

يقولون بالفضل الذي أنت أهلُهُ … وكلهُمُ فيما يقول مُصيبُ

ولو صِين حيٌّ عن شَكاة ٍ لَكُنتَهُ … ولكن لكُلٍّ في الشَّكاة نصيبُ

وفي الصبر للشكو الممحِّص مَحملٌ … وفي اللَّه والعرفِ الجسيم طبيبُ

وأنت القريبُ الغوثِ من كل بائسٍ … دعاكَ فغوثُ اللَّهِ منك قريبُ

أبى اللَّهُ إخلاءَ المكان يَسُدّهُ … فتًى مَا لَهُ في العالمين ضَريبُ

أعاذك أُنْسُ المجدِ من كلِّ وحشة ٍ … فإنك في هذا الأنامِ غريبُ

وتاب إليك الدهرُ من كل سَيِّءٍ … وجاءك يسترضيك وهو مُنيبُ

ولا زال للأَعداء في كلِّ حالة ٍ … وللمالِ يومٌ من يديك عصيبُ