أَيهَا الفُرْسَانُ رُوَّادَ السَّمَاءْ – خليل مطران

أَيهَا الفُرْسَانُ رُوَّادَ السَّمَاءْ … إِنَّنَا قَوْم إلى المَجْدِ ظِمَاءْ

خَبِّرُونَا وَانْقَعُوا غُلَّتَنَا … كَيْفَ جَوُّ السَّائِدِينَ العُظَمَاءْ

كَيْفَ جُوُّ الفَتْحِ فِيمَا سَخَّرَتْ … مِنْ قُرَى الدُّنْيَا عُقُولُ العُلَمَاءْ

كَيْفَ جَوُّ العَبْقَرِيَّاتِ وَقَدْ … شَالَتِ الأَطْوَادُ فِيهِ كَالْهَبَاءْ

خَفَقَتْ أَلْوِيَةُ الغَرْبِ وَلَمْ … يَكُ بِالأَمْسِ لَنَا فِيهِ لِوَاءْ

فَلَنَا اليَوْمَ بِهِ أَجْنِحَةٌ … وَلَنَا أَبْطَالُنَا وَالشُّهَدَاءْ

هَبَطَ النَّسْرُ بِفَرْخَيْهِ وَمَا … كَانَ صَيَّادُهُمَا غَيْرَ القَضَاءْ

أَيَّ سَطْرٍ فِي المَعَالِي كَتَبَا … بِالزَّكِيِّ الحُرِّ مِنْ تِلكَ الدِّمَاءْ

قُتِلاَ فِي حُب مِصْرٍ وَلَهَا … كُلُّنَا بِالمَالِ وَالرُّوحِ فِدَاءْ

نَحْنُ فِي دَارِ الأَسَى نَبْكِيهِمَا … وَهُمَا فِي الخَالِدِينَ السُّعَدَاءْ

شَرَفٌ لَوْ بَذَلَ المَرْءُ بِهِ … عُمْرَهُ لَمْ يَكْنِ العُمْرُ كِفَاءْ

بيْنَ مَنْ يَرْثِي وَمَنْ يُرْثَى لهُ … أَكْثَرُ الأَحْيَاءِ أَوْلَى بِالرِّثَاءْ

أيُّهَا السِّرْبُ المُوَافِي وَبِهِ … عَن فَقِيدَيْهِ العَزِيزَيْنِ عَزَاءْ

هَاتِ نَسِّمْنَا نَسِيماً طَاهِراً … لَمْ يُكّدَّرْ بِقَذىً مِنْهُ الصَّفَاءْ

خَالصِاً مِنْ أَثَرِ السُّمِّ الَّذِي … يُفْسِدُ الذُّلُّ بِهِ طَلْقَ الْهَوَاءْ

مَا شَعُورُ المَرْءِ فِي تِلْكَ العُلَى … حِينَ يَرْقَى وَلَهُ مُلْكُ الفَضَاءْ

أَيَرَىَ فِي الشَّامِخَ المُنْدَاحِ مِنْ … دُونِهِ كَيْفَ مَآلُ الكِبْرِيَاءْ

أَيَرَى وَالبَحْرُ مَرْدُودٌ إِلى … مُلْتَقَى حَدَّيْهِ مَا حَدُّ البَقَاءْ

أَيَرَى الضِّدَّيْنِ مِنْ خَفْضٍ وَمِنْ … رِفْعَةٍ صَارَا إِلى شَيْءٍ سَوَاءْ

جَوْلَةٌ لِلْمَرْءِ إِنْ يَسْمُ بِهَا … فَبِهَا كُلُّ الرِّضَى قَبْلَ الفَنَاءْ

نَزَلَ الأُسْطُولُ فِي أَعْيُنِنا … مَنزِلَ القُوَّةِ مِنْهَا وَالضِّيَاءْ

وَتَلَقَّتْهُ الحَنَايَا هَابِطاً … مَهْبِطَ اليَقْظَةِ مِنْهَا وَالرَّجَاءْ

فَرِحَ الأَحْيَاءُ فِي مِصْرَ بِهِ … فَرَحاً لَمْ يَنْتَقِصْ مِنْهُ مِرِاءْ

وَاسْتَقَرَّتْ مِنْ مُنىً مَقْلِقَةٍ … لَمَثَاوِيَهَا بَقَايَا القُدَماءْ

شَرَفاً يَا سِرْبُ لاَ يَكْرُثْكَ فِي … عَزَّةِ الفَوْزِ نَكِيرُ السُّفَهَاءْ

هَلْ تَنَالُ الصَّائِلَ الجَائِلَ فِي … فَلَكِ النَّسْرِ سِهَامٌ مِنْ هَوَاءْ

قُسِمَ العَيْشُ وَأَدْنَى قِسْمَةٍ … فِيهِ لِلمُسْتَسْلِمِينَ الضُّعَفَاءْ

منْذ أَزْمَعْتَ مَآباً وَعَدَتْ … دُونَهُ الأَخْطَارُ فِي تِلْكَ الجِوَاءْ

كُلُّ نَفْسٍ وَجَمَتْ مِنْ خَشْيَةٍ … وَأَحَسَّتْ مَا تُعَانِي مِنْ بَلاَءْ

إِنِّمَا البُعْدُ عَنِ القَلْبِ نَوىً … لَيْسَ مِنْ يَنْأَى عَنِ العَيْنِ بِنَاءْ

مَنْ تَرَاهُ يَصِفُ الوَجْدَ الَّذِي … وَجَدُوهُ إِنْ دَنَا يَوْمُ اللِّقَاءْ

أَلْقَوُا السَّمْعَ إِلى الغَيْبِ وَقَدْ … حَبَسُوا الأًنْفَاسَ حَتَّى قِيلَ جَاءْ

فَتَمَثَّلتَ لَهُمْ فِي صُورَةٍ … مَا رَأَتْ أَرْوَعَ مِنْهَا عَيْنُ رَاءْ

مِصْرُ فِي الوَجْهَيْنِ شَطْراً مُهْجَةٍ … خَفَقَتْ لِلْعَائِدِينَ البُسَلاَءْ

وَتَمَلَّتْ غِبْطَةً ضَاعَفَهَا … بَاعِثُ العُجْبِ وَدَاعِي الخُيَلاَءْ