أَسال مسلسل السَحب العَوالي – عائشة التيمورية

أَسال مسلسل السَحب العَوالي … فَرَوى شَعب مكة وَالعَوالي

أَم الآفاق قَد مَلَئَت عُيونا … فَأَغرَقَ نَبعُها شَم الجِبال

أَم العَباس في قَوم عطاش … قَد اِستَسقوا بِذل وَاِبتِهال

عَهَدت الغَيثَ يُنعِش كُل روح … وَيَحي النَفس بِالماء الزَلال

طَغا ماءَ الجُفون وَما دنت بي … سَفين الشَوق من جودى الوِصال

وَقَد أَصبَحت في بَحر عَميق … مِنَ الظُلَماء مَجهود المَلال

ضَللت بِلَيل اِسقامى طَريقى … اِلَيكُم ساداتي فَاِنعوا ضَلالي

قَضيت بِكُم لَيالي مُقمِرات … فَلَم قَد أَظلَمت هذي اللَيالي

وَكانَ الدَهرُ مُلتَفتا اِلَينا … وَها هُوَ مُغمِض الاِجفان قالى

فَلَوا أَسفى عَلى اِنسان عيني … غَدا في سِجن سَقم وَاِعتِقال

حَجبت بِسِجنِهِ عَن كُل خل … وَصِرت مُخاطِبا صور الخَيال

أَاِنسان العُيون فَدتك روحي … يَهون لِعود نورِكَ كل غالي

أَتَرضى البُعد عَن عَيني أَليف … أَضر بِعَزمِهِ ضيق المَجال

أَذَبتَ حَشاشَتي فَزعا وَرَوعا … شَغلت باسوا البلبال بالى

بِمَن جَعَل العُيونَ أَجل مَأوى … لِحِفظِكَ أَيُّها الباهي الجَمال

حَياتي بَعد بعدك لا أَراها … سِوى سَكرات نَزعات ثِقال

وَكَيفَ أَعد لي روحا ترجى … وَشَمس الروح مالَت لِلزَّوال

غَدَوت بِفُرقَة الفُرقانِ صَبا … أَسايل في التِلاوَةِ كل تال

وَلَولا أَن حفظ النصف مِنه … شَفى قَلبي لَذُبت مِن اِشتِعالي

لَعُمري لِلحَديثِ حَياة روحي … وَراحَة مُهجَتي وَنَفيس مالي

وَكَم في الفِقه مِن دُرَر تحلت … بِها فِكري وَمن درر غَوالي

أَمس الكتب من شغفي عَلَيها … وَاِبلى حَسرَة من سوء حالي

وَأَندُب مُهجَتي حَيا لِأَنّي … حُرِمت بَدائِع السِحر الحَلال

تمس المُصحَف الاِسمي يَميني … وَقَد وَضَعتُ عَلى قَلبي شَمالي

وَأَنشِدُهُ لآيك طال شَوقي … وَمالي غَيرُها عَز وَمالي

كَلامَكَ في الحَياةِ وَبَعد مَوتي … وَفي يَوم التَغابُن وَالجِدال

غِذائي راحَتي نوري أَنيس … دَليلي بِهجتي أَملي كَمالي

فُراقُكَ صدني عَن كُل قَصد … وَقَد مَرَّ المَذاق لِكل حالي

فَكَيفَ أَرومُ بَعدَ اليَومَ ربحا … وَأَيّامي ذَهَبنَ بِرَأس مالي

وَلكِنّي أَرى في الصَبرِ طبي … وَمُكحلة الجَلا حُسن اِمتِثالي

فَيا اِنسان عَين غابَ عَنها … وَبدلني بِه طول المَلال

عَسى أَلقاكَ مُبتَهِجا مُعافى … وَأَصبِح مُنشَدا أَملى صَفا لي

لِتَهنَأ مُقلَتي بسنا حَبيب … بَديع الحُسن مَحمود الوِصال

وَاِنظُم أَحرفي كَالدر عَقدا … بِهِ جيد الصَحائِفِ عاد حالي

فَربي قادِرٍ برّ رَحيم … يُجيب بِفَضلِهِ السامي سُؤالي