أَحِبَّاؤنا ما كان لي عنكُمُ صبرُ – ابن الرومي
أَحِبَّاؤنا ما كان لي عنكُمُ صبرُ … وهل لِصبورٍ عن أحبته عذرُ
فيا ليتَ شِعري عنكُمُ كيف كنتُمُ … وكيف التي من وجهها يطلعُ البدر
ومَن نشرها مِسْكٌوألحاظها سحرٌ … ومَبسِمُها دُرٌّوريقتها خمر
وقد زَعَمتْ ألاّ تزالَ كعهدنا … وإن طال بي غَيْبٌ وطال بها العُمْرُ
وإني لأَخشى والزمانُ مُغَيِّرٌ … على النأْي يوماً أن يميل بها الغدر
وكيف بمُشتاقٍ تضمَّن جسمَهُ … على شوقِه مِصرٌ ومُهجَتَه مِصْر
أقام الحرب الزَّنج في دار غربة … حوادثُها في أهلها القتل والأسر
ومن دونه هولٌومن تحته ردًى … ومن فوقه سيفٌومن تحته بحر
إذا شام برقاً لاح من نحو أرضه … تضايقَ عما ضمَّ من وَجدِه الصبر
وبَلَّتْ دماً مِنْ بعد دمعٍ رداءه … لدى خلوات منه أجفانُه الغُزر
وإن رام من حَدِّالبطيحة مَطْلِعاً … ثَنَتْ شأوَهُ عنه المواصير والجِسر
كفى حزناً أن المُقِلَّ مُشَردٌ … وذو الخفض في أحبابه مَن له وفرُ
إذا كان مالي لا يقوم بهمَّتي … سماحاً وإن أوفَى على عُسرتي اليُسرُ
ففيمَ اجتهادي في محاولة الغنى … وما للغنى عند الجواد به قَدْر
يفوز بجمع المال من كان باخلاً … وما ليَ إلا الحمدُ من ذاك والشكر
وما أنا إلا محرزُ المجد والعلا … وذلك كَنزي لا اللُّجَيْنُ ولا التبر
فإن يقضِ لي اللهُ الرجوعَ فإنه … علَيَّ له أن لا أفارقَكُمْ نذر
ولا أبتغي عنكم شُخوصاً وفُرقة ً … يَدَ الدهر إلا أن يُفرقَنا الدهرُ
فما العيش إلا قربُ من أنت آلِفٌ … وما الموتُ إلا نأيُهُ عنكَ والهجرُ