أَبَتْ إِبلي وَاللَّيلُ وَحْفُ الغَدائِرِ – الأبيوردي

أَبَتْ إِبلي وَاللَّيلُ وَحْفُ الغَدائِرِ … رشيفَ صرى ً في منحنى الوردِ غائرِ

وباتتْ تنادي جارها وهوَ راقدٌ … وَهَيْهاتَ أن يَرْتاحَ مُغْفٍ لِساهِرِ

وقد كادَ أولادُ الوجيهِ ولاحقٍ … تَرِقُّ لأبْناءِ الجَديلِ وَداعِرِ

دعي إبلي رجعَ الحنينِ بمبركٍ … يَضيقُ على ذَوْدِ الخَليطِ المُجاوِرِ

فعن كثبٍ تشكو مناسمكِ الوجى … وتطوي الفلا مخصوفة ً بالحوافرِ

وترويكِ في قيسٍ حياضٌ تظلُّها … ذوابلُ في أيدي ليوثٍ خوادرِ

بِحَيْثُ رُغاءُ المُتْلِياتِ وَراءَهُ … صَهيلُ الجيادِ المُقْرِباتِ الضَّوامِرِ

بنو عربياتٍ، يحوطُ ذمارها … كماة ٌ كأنضاءِ السُّيوفِ البواترِ

لَهُمْ في نِزارٍ مَحْتِدٌ دونَ فَرْعِهِ … تخاوصُ ألحاظِ النُّجومِ الزَّواهرِ

ولمّا طوت عنّي خزيمة ُ كشحها … ولم ترعَ في حيَّي قريشٍ أواصري

لَوَيْتُ عِناني، وَاللّيالي تَنوُشُني … إلى أريحيٍّ من ذؤابة ِ عامرِ

فأفرخَ روعي إذ قمعتُ بهِ العدا … وخفَّضَ جأشي حينَ رفَّعَ ناظري

فَتى الحَيِّ يَأْبَى صُحْبَة َ الدِّرْعِ فِي الوغَى … ولا تكلفُ الأرماحُ إلاّ بحاسرِ

وَيَوْمٍ تَراءَى شَمْسُهُ مِنْ عَجَاجِهِ … تَطَلُّعَ أَسْرارِ الهَوى مِنْ ضَمائِرِ

وَتَخْتَفِقُ الرّاياتُ فيهِ كأَنّما … هَفَتْ بِحَواشِيها قَوادِمُ طائرِ

تَبَسَّمَ حتّى انْجابَ جِلْبابُ نَقْعِهِ … بمرموقة ٍ تطوي رداءَ الدَّياجرِ

تضيءُ وراءَ اللُّثم كالشَّمسِ أشرقتْ … وراءَ غمامٍ للغزالة ِ ساترِ

فغضَّ طماحَ الحربِ، وهي أبيَّة ٌ … بكلِّ عقيليٍّ كريمِ العناصرِ

وَحَفَّتْ بِهِ مِنْ سِرِّ جُوثَة َ غِلْمَة ٌ … مناعيشُ للمولى ، رقاقُ المآزر

إذا اعتنقَ الأبطالُ خلتَ عيونهمْ … تبثُّ شرارَ النّارِ تحتَ المغافرِ

يَصولُونَ، وَالهَيْجاءُ تُلْقي جِرانها … بِمَأْثورَة ٍ بِيضٍ وَأَيْدٍ قَوادِرِ

وَيَرْجُونَ مِنْ آلِ المُهَيّا غَطارِفاً … عِظامَ المَقاري وَاللُّها وَالمَآثِرِ

وَيَنْمي ضِياءُ الدّينِ مِنْ كُبَرائِهِمْ … إلى خَيْرِ بادٍ في مَعَدٍّ وَحاضِرِ

سَليلُ مُلوكٍ مِنْ نِزارٍ، تَخَيَّروا … لَهُ سَرَواتِ المُحْصَناتِ الحَرائِرِ

فجاءَ كماءِ المزنِ محضاً نجارهُ … مقابلَ أطرافِ العروقِ الزَّواخرِ

يُطيفُ بِهِ أَنّى تَلَفَّتَ سُؤْدَدٌ … أوائِلُهُ مَشْفوعَة ٌ بِالأَواخِرِ

بَني البَزَرَى صاهَرْتُمُ مِنْهُ ماجِداً … يَزينُكُمُ أُخْرى اللَّيالي الغَوابِرِ

وسقتم إلى أحسابهِ من خياركم … عقائلَ لا تشرونها بالأباعرِ

فَبَوَّأْتُموها حَيثُ يُلْقي به التُّقى … مَراسِيَهُ، والعِزُّ مُرْخَى الضَّفائِرِ

وحزتمْ بكعبٍ في كلابٍ مناقباً … تنافي أنابيبَ الرِّماحِ الشَّواجرِ

ولو بذلَ البدرُ النُّجومَ لخاطبٍ … لَمدَّ إلى ثَرْوانَ باعَ المُصاهِرِ

فإيهِ أَبا الشَّدَّادِ إنَّ وَراءَنا … أحاديثَ تُرْوى بَعْدَنا في المَعاشِرِ

فَمَنْ لي بِخِرْقٍ ثائِرٍ فَوْقَ سابِحٍ … تردَّى بإعصارٍ منَ النَّقعَ ثائرِ

إذا حَفَزَتْهُ هِزَّة ُ الرَّوْعِ خِلْتَهُ … على الطِّرْفِ صَقْراً فوقَ فَتْخاءَ كاسِرِ

أترضى وما للعربِ غيركَ ملجأ … توَسُّدَهُمْ رَمْلَيْ زَرُودٍ وَحَاجِرِ

بهم ظمأُ أدمى الجوانحَ برحهُ … وَذَمُّوا إلى الشِّعْرَى احْتِدامَ الهَواجِرِ

وَطَوَّقْتَهُمْ نُعْمى فَهُمْ يَشْكُرونَها … ولا تأنسُ النَّعماءُ إلاّ بشاكرِ

فَأَينَ الجِيادُ الجُرْدُ تَخْطُو إلى العِدا … على عَلَقٍ تَرْوَى بِهِ الأَرْضُ مائِرِ

وَفِتْيانُ صِدْقٍ يَصْدرونَ عنِ الوَغى … وأيدي المنايا دامياتُ الأظافرِ

على عارفاتٍ للطّعانِ عوابسٍ … طوالِ الهوادي، مجفراتِ الخواصرِ

تَقَدَّتْ بِآطالِ الظِّباءِ، وَمَزَّجَتْ … دماً بدموعٍ في عيونِ الجآذرِ

وَحاجَتُهُمْ إحْدى اثْنَتَيْنِ مِن العُلا: … صدورُ العوالي أو فروعُ المنابرِ