أوفى الهناء إذا شآه عزاء – أحمد فارس الشدياق

أوفى الهناء إذا شآه عزاء … وتلته بشرى بالمنى وغناء

كنا نظن الخطب لما غمنا … ان ليس يعقب ضره إرضاء

خطب به أودى سعيد وهو في … شرخ الشباب وحوله الإملاء

وإذا بصبح جلاء إسماعيل قد … كسف الغمى فانجابت الغماء

وكذا النجوم يغيب منها نير … ويذر آخر بعده دراء

فلنحمد المولى على سرائه … من بعد ما قد مسنا الضراء

هذا العزيز وكل شيء دونه … هو هين وله النفوس فداء

ولتخلعن حدادها مصر فقد … وشى رباها رونق وبهاء

ولسوف تمرع كلها في ظله … وكما يروم زكاؤها ويشاء

لو لم يكن مثل النضار ترابها … ما جاء فيمعنى الغنى الاثراء

هذا الذي من عدله ترجو الورى … ان ستوى ظمأ الثرى والماء

فالله بقضى كل ما ينوى به … عبد بنيته له وفاء

ان شح عنها النيل بعض اصابع … فله يد عنها جزت بيضاء

قد سخر اللَه القلوب له وان … من لفظة التسخير كان يساء

فليهنأ الأكار ان كراء … وكراه في امن الزمان سواء

طربت لنغمة وعده باقصد في … نهج السياسة تلكم السفراء

فرووا حديث ثنائه وتنافسوا … فيه كأنهم له شعراء

الناس منهم مفرد لكنه … في الفضل جمع ما له احصاء

يكرى الخلى عن المعالي ليله … لكنما نوم التجى اغفاء

شيم حواها عن ابيه وجده … نعم البنون ونعمت الآباء

حلت حلاه في مقام باذخ … فلذاك ينزل دونها الاطراء

من كان في ظمأ وفجر مدحها … وجد النعيم فزال عنه الداء

يا ساعة احيت قلوب عباده … اذ قال طيبوا ايها الابناء

اني لراع حقكم وولاءكم … ولكم على الامن والايلاء

ان تنعموا نعم وان تجدوا اذى … فلشكوكم من عندي الاشكاء

واللَه اولاني سياسة امركم … فاستنجدوا بي ايها الضعفاء

اني بتوفيق المهيمن كافل … لكم المنى ولمثل ذاك اشاء

اني واياكم على دين الهدى … ولكم يحق به على اخاء

انا عباد اللَه نرعى ذمة … للائذين بنا وهم غرباء

فالاقربون احق بالزلفى وان … ترعى عهودهم على ما شاؤوا

بشرى لكم يا اهل مصر بغبطة … لكم بها اللألاء والآلاء

اموالكم محمية وحقوقكم … مرعية ومناكم فناء

وحبالكم موصولة وربوعكم … ماهولة وقراكم غناء

وثغوركم مامونة واموركم … ميمونة واجوركم جماء

وحماتكم اهل السرا وقضاتكم … اتقى الورى وولاتكم امناء

من ذا الذي ما سره بشرى بها … عاش السرور وزالت البرحاء

اذ قام اسماعيل يحكم آمرا … بالحق والتقوى له سيماء

ما ضر ارضا قد سقاها عدله … ان لم تجدها ديمة وكفاء

فالعدل اعمر للبلاد من الحيا … ولئن يكن في ضمن ذا الاحياء

واللَه ناصره ومعلى امره … حتى تذل لرايه الاراء

اجدر بمن قد حاز كل فضيلة … ان ليس يذكر مع علاه علاء

يا ايها الشعراء ان صغتم له … مدحا يليق فانتم الامراء

لا تنفقوا ذا الكنز في غزل ولا … في رسم دار قد عراه عفاء

او في مدام قطبت او عتقت … وتعددت الفا لها الاسماء

فالقول في هذا ضياع وهو في … مدح العزيز تضوع وضياء

من شاقه وصف المحاسن فليصف … عظمى حلاه فانها الحسناء

وهي المعاهد يستطاب حديثها … وهي الصبا والروح والصهباء

تبدى المعالي ذاته العليا كما … بالنور يمكن ان ترى الاشياء

دام الزمان لما يروم مسخرا … وعلى المدى يهدى اليه ثناء