أهلاً بطيف على الجرعاء مختلس – ابن نباتة المصري

أهلاً بطيف على الجرعاء مختلس … والفجر في سحر كالثغر في لعس

والنجم في الأفق الغربي منحدر … كشعلة سقطت من كف مقتبس

يا حبذا زمن الجرعاء من زمن … كل الليالي فيه ليلة العرس

وحبذا العيش مع هيفاء لو برزت … للبدر لم يزهُ أو للغصن لم يمس

خود لها مثل ما في الظبي من ملح … وليسَ للظبي ما فيها من الأنس

محروسة بشعاع البيض ملتمعاً … ونور ذاك المحيا آية الحرس

يسعى ورا لحظها قلبي ومن عجب … سعيُ الطريدة في آثار مفترس

ليت العذول على مرآي محاسنها … لو كان ثنى عمى عينيه بالخرس

اني وان علقت بالقلب صبوته … لمحوج العيس طيّ الضوء والغلس

سفينة ليس تجري بي لذي بخل … انّ السفينة لا تجري على اليبس

تؤم باب ابن أيوب اذا اعتكرت … سودُ الخطوب كما يؤتم بالقبس

المانح الرّفد أفناناً مهدلة … فما يردّ جناها كف ملتمس

والرافع البخل في الدنيا وساكنها … بجود كفيه رفع الماء للنجس

محا المؤيد بؤس المقترين فما … تكاد تظفر جدواه بمبتئس

واستأنس الناس جدوى كفه فرووا … عن مالك خبر العليا وعن أنس

ملك يقاس مجاريه بسؤدده … إذا تقايس عير الدار بالفرس

وينتهي لضحى بشر مؤمله … إذا انتهى من بني الدنيا الى عبس

مظفر الجدّ مشاء على جدد … من حلمه اللدن أو من حربه الشرس

يخفي اللهى ودنانير الصلات بها … تكاد تضرب للاسماع بالجرس

و ينشر العلم لا قول بمختلف … إذا رواه ولا معنى بملتبس

و يشبع الامر آراء مسددة … تمضي وتدفع صدر الحادث الشكس

تكون كالعضب أحياناً وآوتة … تكون من وقعات العضب كالترس

لو باشر الافق يوماً يمن طلعته … لما سمعت بنجم ثم منتحس

ولو تولت حزون الارض راحته … لم يبق في الارض صلد غير منبجس

من مبلغ قومي الزاكي نجارهم … أني اعتزيت إلى جم العلى ندس

مجددا لي في أمداحه نسباً … أبرّ من نسب في الترب مندرس

ما زلت أخبر ممدوحاً وأهجره … حتى اعتلقت بحبل محصد المرس

وطاهر الخيم لا تثنى خلائقه … على الملال ولا تطوى على الدنس

ما شمت بارق جدواه فأخلفني … و لا عهدت إلى معروفه فنسي

تلك العلى لابن حمدان على حلب … و لابن عمار شاوٌ في طرابلس

ما ضرني ان تولوا وهو مرتقب … و خاس عهد الغوادي وهو لم يخس

يا ابن الملوك الأولى خذها عروس ثناً … مصرية المنتمى غريبة النفس

الله أكبر صاغ الحق مادحكم … كأنه ناطق عن حضرة القدس