أمنية المهاجر – إيليا أبو ماضي
جعت والخبز وثير في وطابي … والسّنا حولي وروحي في ضباب
وشربت الماء عذبا سائغا … وكأني لم أذق غير سراب
محنة ليس لها مثل سوى … محنة الزّورق في طاغي العباب
ليس بي داء ولكني امرؤ … لست في أرضي ولا بين صحابي
مرّت الأعوام تتلو بعضها … للورى ضحكي ولي وحدي اكتئابي
كلّما استولدت نفسي أملا … مدّت الدّنيا له كفّ اغتصاب
أفلتت مني حلاوات الرؤى … عندما أفلت من كفّي شبابي
بت لا الألهام باب مشرع … لي ولا الأحلام تمشي في ركابي
أشتهي الخمر وكأسي في يدي … وأحس الروح تعري في ثيابي
ربّ هبني لبلادي عودة … وليكن للغير في الأخرى ثوابي
أيّها الآتون في ذاك الحمى … يا دعاة الخير ، يا رمز الشّباب
كم هششتم وهششنا للمنى … وبكيتم وبكينا في مصاب
واشتركنا في جهاد أو عذاب … والتقينا في حديث أو كتاب
وعرفتم وعرفنا مثلكم … أنّما الحقّ لذي ظفر وناب
كلّ أرض نام عنها أهلها … فهي أرض لاغتصاب وانتهاب
زعموا الأنسان بالعلم ارتقى … وأراه لم يزل أنسان غاب
أنه الثعلب مكرا وهو كالسّر … طان غدرا وحكيم كالغراب
يا رفاقي حطّموا أقداحكم … ليس في الدّنيا رحيق لانسكاب
جفّ ضرع الشّعر عندي وانطوى … ولكم عاش لمرعى واحتلاب
أيّها السائل عني من أنا … أنا كالشّمس ألى الشّرق انتسابي
لغة الفولاذ هاضت لغتي … لا يعيش الشدو في بحر اصطخاب
لست أشكو إن شكا غيري النّوى … غربة الأجسام ليست باغتراب
أنا في نيويورك بالجسم و بالرّ … وح في الشرق على تلك الهضاب
في ابتسام الفجر في صمت الدّجى … في أسى ” تشرين ” في لوعة ” آب “
أنا في الغوطة زهر و ندى … أنا في لبنان نجوى و تصابي
أنّني ألمح في أوجهكم … دفقة النّور على تلك الرّوابي
و أرى أشباح أيّام مضت … في كفاح و نضال و وئاب
و أرى أطياف عصر باهر … طالع كالشّمس من خلف الحجاب
ليته يسرع كي أبصره … قبل أن أغدو تربا في تراب