أمنية إلاهة – إيليا أبو ماضي

أحبّ إله في صباه إلاهة … جرى السحر في أعطافها والترائب

تمنّت عليه آية لم يجىء بها … إله سواه في العصور الذواهب

ليمسي على الأرباب أجمع سيّدا ، … وتمسي تباهي كلّ ذات ذوائب

وكان إلها جامحا متضرّما … هوى، فأتى بالمعجزات الغرائب

كسا الأرض بالزهر البديع لأجلها … ورصّع آفاق السما بالكواكب

وما زال حتى علّم الطير ما الهوى … فحنّت وغنّت في الذّرى والمناكب

وأنشأ جنات وأجرى جداولا … ومدّ المروج الخضر في كلّ جانب

وشاء، فشاع العطر في الماء والضّيا … وفي كلّ صوت أو صدى متجاوب

ومسّ الضّحى فارفضّ تبرا على الربى … وسال عقيقا في حواشي السباسب

وقال لأحلام البحار تجسّدي … مواكب ألوان وجيش عجائب

فكانت لآل في الشطوط ، وفي الفضا … غيوم، وموج ضاحك في الغوارب

ولما رأى الأشياء أحسن ما ترى … وتّمت له دنيا بغير معايب

دعاها إليه كي تبارك صنعة … ولم يدر أنّ الحبّ جمّ المطالب

فقالت له : أحسنت أحسنت مبدعا … فيا لك ربّا عبقريّ المواهب

ولكنّ لي أمنية ما تحقّقت … إذا لم تنلنيها فما أنت صاحبي

فدنياك هذي على حسنها … وسحر مشاهدها والصور

تشاركني سائر الآلهات … لذاذاتها ونساء البشر

أريد دنيا فيها شعاع … يبقي أذا غابت النجوم

أريد دنيا تحسّ نفسي … فيها نفوسا بلا جسوم

أريد خمرا بلا كؤوس … من غير ما تنبت الكروم

أريد عطرا بلا زهور … يسري وإن لم يكن نسيم

وزادت فقالت: أريد أنينا … يشوّش روحي ولا محتضر

وماء يموج ولا جدول، … ونارا بلا حطب تستعر

فأطرق ذاك الاله الفتيّ … وفي نفسه ألم مستتر

وقال امهليني ثلاث ليال … أذلّل فيها المراد العسر

وراح يجوب رحاب الفضاء … يحدوه شوق ويدعوه سر

فسال مع الشمس فوق الربى … وغلغل في الحندس المعتكر

وأصغى إلى نسمات المروج … وأصغى إلى نفحات الزّهر

وبعد ثلاث ليال أتاها … فظنته جاء لكي يعتذر

فقال وجدت الذي تطلبين … لدي شاعر ساحر مبتكر

وأخرج خيطا قصير المدى … بلون التراب ولين الشّعر

فلما رأته عراها الأسى … وغوّر إيمانها واندثر

فصاحت بغيط: أتسخر مني؟ … إذن فاحمل العار، او فانتحر

أجاب رويدّك ، يا ربّتي … فما في التعجّل إلاّ الضرر

وشدّ إلى آلة خيطه … ودغدغه صامتا في حذر

ففاضت خمور ، وسالت دموع، … وشعّت بروق، ولاحت صور

فيا ليت شعري ماذا يسمّى؟ … فقال لها: إن هذا الوتر