أما والليالي وأحداثها – أحمد محرم
أما والليالي وأحداثها … وما علمت من كبار العظات
وما هذبت من نفوس الكرام … وما ثقفت من عقول الهداة
لقد كشف الشر عن ساقه … وشمر للروع أهل الترات
فمن كان يكره أن يستباح … فذلك يوم الحمى والحماة
بني مصر من يك ذا نجدة ٍ … فمصر تريد سبيل النجاة
أحيط بها فهي مكروبة ٌ … تضج وتشكو ضجيج العناة
دعوا كل شيءٍ سوى نصرها … ولا تدعوها بأيدي الغزاة
وضموا الصفوف ولا تسمعوا … لأهل الأباطيل والترهات
فلن يلبث الأمر أن يستقيم … إذا اجتمع القوم بعد الشتات
دعاة الحماية لا تنعقوا … فما أهلك الناس غير الدعاة
أيملك باطلكم أن يسود … وقد وضح الحق ذو البينات
وصفتم لنا حسنات الكتاب … فما إن رأينا سوى السيئات
يضم الحماية فيما يضم … لأبناء مصر من المزعجات
يعلمنا كيف ترمى الشعوب … وكيف تقبل أيدي الرماة
لعمر الغواة وما أحدثوا … لقد سئمت مصر دعوى الغواة
على الله يوم يقوم الحساب … جزاء الخبائث والطيبات
عملنا له نبتغي وجهه … إذا ما ابتغى القوم بعض الهنات
لنا وجهة الخير في العاملين … وللنفس وجهتها في الحياة
وفينا لمصر على حالة ٍ … من الهول قذافة ٍ بالوفاة
تطير بهم فتسد الجواء … وتلوي بأجنحة العاصفات
تمور الديار لهزاتها … ولو أمسكتها قوى الراسيات
نجاهد للمجد حق الجهاد … ونشرع للناس دين الثبات
نصون لمصر أماناتها … ونبتذل المهج الغاليات
ولن نستباح حقوق البلاد … إذا استودعتها نفوس الأباة
أمان الحصون وغوث الجنود … وحرز السوابغ والمرهفات
ألا إن مصر لحق البنين … وعرض الأبوة والأمهات
ومحكمة الدهر من بعدنا … تقام لأجداثنا والرفات
إذا ما قضى الدهر أحكامه … فتلك حكومة أقضى القضاة
يقلب عينيه مستوفزاً … إذا صيح بالرمم الباليات
له كاتبٌ عبقري اليراع … سري الصحيفة حر الدواة
تذيب له كيمياء الدهور … مداد الغياهب والنيرات
يروع الظلام بسود الخلال … ويشجي الصباح ببيض الصفات
إذا كتب المجد في أمة ٍ … فللعاملين وللعاملات
وإن الأمور بأشباهها … وبعض الذين كبعض اللواتي
وكائن ترى من فتى ً لا يقوم … غداة الحفاظ مقام الفتاة
نقمت على مصر طول الجمود … ويحسبه القوم طول الأناة
بلوت الأمور وكنت امرأً … ذكي الجنان كبير الحصاة
فلم أر فيما ينوب الشعوب … كجهل السراة وظلم الولاة