ألما على الربع القديم بعسعسا – امرؤ القيس

ألما على الربع القديم بعسعسا … كأني أُنَادي أوْ أُكَلّمُ أخرْسَا

فلوْ أنّ أهلَ الدّارِ فيها كَعَهْدِنَا … وَجدتُ مَقيلاً عِندهمْ وَمْعرَّسَا

فلا تنكروني إنني أنا ذاكم … لَيَاليَ حَلَّ الحَيُّ غَوْلاً فَألعَسَا

فإما تريني لا أغمضُ ساعة … من الليل إلا أن أكبَّ فأنعسا

تَأوّبَني دَائي القَدِيمُ فَغَلَّسَا … أُحَاذِرْ أنْ يَرْتَدّ دائي فأُنْكَسَا

فَيا رُبّ مَكرُوبٍ كَرَرْتُ وَرَاءَهُ … وطاعنتُ عنهُ الخيلَ حتى تنفسا

وَيَا رُبّ يَوْمٍ قَدْ أرُوحُ مُرَجَّلاً … حَبِيباً إلى البِيضِ الكَوَاعبِ أملَسَا

يرعنَ إلى صوتي إذا ما سمعنه … كمَا تَرْعوِي عِيطٌ إلى صَوْتِ أعيَسَا

أرَاهُنّ لا يُحْبِبنَ مَن قَلّ مَالُهُ … ولا من رأين الشيب فيه وقوّسا

وما خفتُ تبريح الحياة كما أرى … تَضِيقُ ذِرِاعي أنْ أقومَ فألبَسَا

فلو أنها نفسٌ تموتُ جميعة … وَلَكِنّهَا نَفْسٌ تَسَاقَطُ أنْفُسَا

وبدلت قرحاً دامياً بعد صحة … فيا لك من نعمى تحوّلن أبؤساً

لَقد طَمَحَ الطَّمّاحُ من بُعد أرْضِهِ … ليلبسني من دائه ما تلبسا

ألا إن بعد العُدم للمرء قنوة ً … وَبعدَ المَشيبِ طولَ عُمرٍ ومَلَبَسَا