ألستَ ترى اليوم المليح المُغايظا – ابن الرومي
ألستَ ترى اليوم المليح المُغايظا … رعاكَ مليكٌ لم يزل لك حافظا
غدا الدَّجْنُ فيه يقتضي اللهو أهله … وقد يقتضيكالحقَّ من ليس لافظا
فطوراً ترى للشمس فيه سيّارة ً … وطوراً ترى الشمس طرْفاً مُلاحظا
غدا بالذي أهداه خِلاً مُلاطفاً … وإن كان ضِداً بالصيام مغالظا
تحفَّى فقد أضحى الندى فيه فائضاً … وأعفى فقد أضحى الأذى فيه فائظا
وقد عدم المعصومُ فيه رقيبه … كما عدِم القيناتُ فيه الحوافظا
ولكنه الشهرُ الذي غاب لهوُهُ … فعادت ملاهي الناسِ فيه مواعظا
أصامكموه اللهُ في ظلِّ غِبطة ٍ … وأبْقاكُم غيْظاً لذي الغِلِّ غائظا
جزاءً بما لقَّيْتُموهُ طلاقة ً … وخالفتُم فيه الشهاوَى اللَّعامِظا
ألا أيها المكنيُّ باسم محمدٍ … فدتْك نفوسُ اللاحظيك الملاحظا
حكى يومُنا هذا نداكَ وحُسنَه … إذا ما غدا يحمي نثاك مُحافظا
على أنه لم يحْكِ فعلك إنما … حكى وعْدكَ الغوثَ النفوسَ الفوائظا
ولم يحك شيئاً من ذكائك إنه … إذا كنتَ فيه شاتياً كنت قائظا
فعش لابن حاجاتٍ وصاحب دولة … إذا الأمر أضحى فادحَ الثِّقلِ باهظا
ولا زلتَ محمودَ البلاء جميله … إذا استخرَجَتْ منك الهناتُ الحفائظا
أراكَ إذا ما كنتَ صدراً لموكبٍ … أثار عجاجاً واستثرت مغائِظا
وظلَّت عيون الناس شتى شؤونُها … فغضّتْ ومدّت عند ذاك لواحظا
يصادون من لولاه لاقت كُفاتهم … شدائدَ من شغْب الخطوب غلائظا
جَللْتَ فلم تعدم من الناس مُغضِياً … ورُقْتَ فلم تعدم من الناس لاحظا
وإن كنتَ يوم الحفل صدراً لمجلس … تركتَ خصيمَ الحق أخرس واعظا
تظلُّ إذا نامت عُقولُ ذوي العمى … وإن حدَّدوا زُرقاً إليك جواحظا
تغاضى لهم وسنانَ بل مُتواسِناً … وتوقظهم يقظان لا متياقظا
وترمي الرمايا في المقاتل عادلاً … إذا أكثرت نبلُ الرُّماة العظاعظا
حلوتَ ولم تضعفْ فلم تكُ طُعمة ً … ولا أنت مجَّتْك الشِّفاهُ لوافظا
بقيتُمْ بني وهبٍ فإن بقاءكم … صلاحٌ وإن ساء العدوّ المُغايظا
ومُلِّيتُمُ للحظ ركناً موطَّداً … يُمليكُمُ للعزِّ ركناً مُدالظا
مقايظنا فيكم مشاتٍ بجُدكم … وكانت مشاتينا بقومٍ مقايظا
عجبتُ لقوم ينفسونَ حُظوظكُمْ … وأنتم أناسٌ تحملون البواهظا
وكنتمْ قُدامى حين كانوا خُوافياً … وكنتم صميماً حين كانوا وشائظا
يغيظُهُم استحقاقكم وحقوقكم … فلا عدموا تلك الأمور الغوائظا
أيا حسناً أحسِنْ فما زلتَ مُحسناً … تيقَّظ للحسنى فتشْأى الأياقظا
أفِضْ من ندى لو حُمِّل المزنُ بعضهُ … لراحت روايا المزنِ كظائظا
أعيذُك أن تغشاك فيَّ ونيِّة … ولستُ على مَوْلى ً سِواكَ مواكظا
أجرني أن أُلفي لغيركَ سائلاً … مُكاتبَ أقوامٍ وطوراً مُلافظا
ولا تُسْرِحَنِّي في اليبيسِ مُشاتياً … كفاني لعمري باليبيس مُقايظا
ألم تجدوني آل وهبٍ لمدحكم … بنظمي ونثري أخطلاً ثم جاحظا
نسجتُ لكم حتى تُوهِّمتُ ناسجاً … وقرَّظتكم حتى تُوهمتُ قارظا
وكنتم غُيوثاً خارقاتٍ شواتياً … روائع ثرَّاتِ العزالي قوائظا
فإن أنا لم تحظُظْ لديكم وسائلي … فمن ذا الذي تُلفى لديه حَظائظا
على أنه لا حمد لي إن منحتُكم … مسامحَ مجد جارني لا مناكِظا
يسيرٌ على المدَّاح أن يمدحوكُمُ … أصابوا لألفاظ المديح ملافظا
ولو حاولوه في سواكمْ لصادفوا … مناكبَ دفع دون ذاك مدالظا
منحتُكها حوليَّة ً بِنتَ يومها … عُكاظية أُشجِي بها المتعاكظا
ففوّق قِداحي واهدِها بنصالها … وريِّش ورعِّظ لا عدمتُك راعظا