ألروض روضك يا هزار فغرد – جبران خليل جبران
ألروض روضك يا هزار فغرد … وصغ الفرائد في الأريب المفرد
فإذا القوافي وهي منك بموعد … كحبائب وافت وما من موعد
تلك القلائد ما أحيلاها حلى … لابن الجميل وهو خير مقلد
للعبقري المحرز الفضلين من … حسب رفيع في البلاد ومحتد
نعم الفتى في فنه ذاك الذي … إن يعدد الشرق النوابغ يعدد
من مثل أنطون الجميل كاتب … فياض مشرعة نقي المورد
إن زاول الإنشاء أبلغ منشيء … أو زاول الإنشاد أفصح منشد
أسمعته يلقي القريض وينتحي … نحوا طريفا مشجيا لم يعتد
فإذا السرور أو الشجى في لفظة … أو في هجاء مرسل كمردد
وإذا معالجة بنبرة صوته … فيها يظن رفيف جفن مسهد
هي قدرة لم يؤتها من لم يذب … فيها قواه ولم يكد ويجهد
ما كل نبس للكلام بمنطق … كلا ولا نطق علا بمجود
أرأيته فوق المنابر خاطبا … والناس منه بمسمع وبمشهد
في قوله الرنان كل غريبة … من جأر ذي لبد وصوت مغردا
هو أعجب الخطباء مقدرة على … أخذ الندي بما نبا عنه الندي
ملاك أفئدة برقة نطقه … وببأسه الخلقي والمتعمد
وموفق الإيماء يستدني به … مما تحب النفس كل مبعد
فإذا ترسل لم تكن آياته … إلا فرائد في صياغة عسجد
فيها الأشعة قد دفقن بقوة … دفق السيول من المداد الأسود
يأتي روائع شردا في نثره … كم أبطلت سحر القوافي الشرد
فيها سنى اللمحات من زهر الدجى … وبها شذا النفحات من زهر ندي
ونهاية الإبداع معنى جيد … تزهى به قسمات مبنى جيد
إن الجميل في الجمال وفنه … لأدق مبتدع وخير مجدد