ألا من لمعتاد من الحزن عائدي – الفرزدق
ألا مَنْ لمُعتادٍ منَ الحُزْنِ عَائِدي، … وَهَمٍّ أتَى دونَ الشّرَاسيفِ عامدي
وكم من أخٍ لي ساهرِ اللّيلِ لمْ يَنَمْ، … وَمُسْتَثْقِلٍ عَنّي مِنَ النّوْمِ رَاقِدِ
وَما الشّمسُ ضَوءْ المَشرِقَينِ إذا بدتْ، … ولَكِنّ ضَوْءَ المَشْرِقَينِ بِخَالِدِ
ستَسْمَعُ مَا تُثْني عَلَيكَ إذا التَقتْ … عَلى حَضْرَمَوْتٍ جامَحَاتُ القَصَائِدِ
ألمْ تَرَ كَفَّيْ خَالِدٍ قَدْ أدَرّتَا … عَلى النّاسِ رِزْقاً من كَثيرِ الرّوَافِدِ
وَكانَ لَهُ النّهْرُ المُبَارَكُ فارْتَمَى … بمثْل الزّوَابي مُزْبداتٍ حَوَاشِدِ
فَما مِثْلُ كَفَّيْ خالِدٍ حينَ يَشترِي … بِكُلّ طَرِيفٍ كُلَّ حَمْدٍ وَتَالِدِ
فَزِدْ خالِداً مثْلَ الذي في يَمينِهِ … تَجِدْهُ عنِ الإسلامِ من خَيرِ ذائدِ
كَأني، ولا ظُلْماً أخافُ، لخَالِدٍ … مِنَ الشامِ دارٍ، أوْ سِمامَ الأساوِدِ
وَإني لأرْجو خَالِداً أنْ يَفُكّني، … وَيُطْلِقَ عَنّي مُثْقَلاتِ الحَدائدِ
هُوَ القَائِدُ المَيْمُونُ والكاهلُ الذي … يَثُوبُ إلَيْهِ النّاسُ منْ كُلّ وَافِدِ
بِهِ تُكشَفُ الظَّلماءُ من نُورِ وَجهِهِ … بِضَوْءِ شِهَابٍ ضَوْؤهُ غَيرُ خَامِدِ
ألا تَذكُرُونَ الرحْمَ أوْ تُقرِضُونَني … لكُمْ خُلُقاً منْ وَاسعِ الحِلمِ ماجِدِ
فإنْ يَكُ قَيْدي رَدّ هَمّي فَرُبّما … تَرَامَى بهِ رَامي الهُمُومِ الأبَاعِدِ
من الحامِلاتِ الحَمدَ لمّا تَكَشّفَتْ … ذَلاذِلُها وَاستَأوَرَتْ لِلْمُنَاشِدِ
فَهَلْ لابنِ عَبْدِ الله في شَاكِرٍ لكم … لمَعرُوفِ أنْ أطْلَقْتُمُ القَيدَ حامِدِ
وَمَا مِنْ بَلاءٍ غَيرَ كُلّ عَشِيّةٍ، … وَكُلِّ غَداةٍ زَائِراً غَيرَ عَائِدِ
يَقولُ ليَ الحَدّادُ: هلْ أنتَ قَائِمٌ، … وَهَلْ أنَا إلاّ مِثْلُ آخَرَ قَاعِدِ
كَأني حَرُورِيٌّ لَهُ فَوْقَ كَعْبِهِ … ثَلاثُونَ قَيْداً من قَرُوصٍ مُلاكِدِ
وَإمّا بدَينٍ ظاهرٍ فَوْقَ سَاقِهِ، … فَقَدْ عَلِمُوا أنْ لَيْسَ دَيني بناقدِ
وَرَاوٍ عَليّ الشِّعْرَ مَا أنَا قُلْتُهُ … كمُعْترِضٍ للرّمْحِ دُونَ الطّرَائِدِ