أفاضَ سَماحُكَ بَحرَ النّدَى ؛ – ابن زيدون

أفاضَ سَماحُكَ بَحرَ النّدَى ؛ … وَأقْبَسَ هَدْيُكَ نُورَ الهُدَى

وَردَّ، الشّبابَ، اعتِلافُكَ، بعَدَ … مُفَارَقَتي ظِلَّهُ الأبْرَدَا

وما زالَ رأيُكَ، فيّ، الجَميلَ، … يفتِّحُ لي الأملَ الموصَدَا

وحسْبيَ منْ خالدِ الفخْرِ أنْ … رضيتَ قبوليَ، مستعبَدَا

وَيا فَرْطَ بأوِي، إذا ما طلَعْتَ، … فَقُمْتُ أُقَبّلُ تِلكَ اليَدا

ورَدّدْتُ لَحظِيَ في غُرَّة ٍ، … إذا اجْتُلِيَتْ شَفَتِ الأرْمدَا

وطاعة ُ أمْرِكَ فرضٌ أرَا … هُ مِنْ كُلّ مُفْتَرَضٍ، أوكَدَا

هيَ الشّرْعُ أصبحَ دِينَ الضّميرِ، … فلوْ قَدْ عَصاكَ لقَدْ ألْحَدَا

وحاشاي منْ أنْ أضلّ الصّرَاطَ، … فَيَعْدُونيَ الكُفْرُ عَمّا بَدَا

وأخلِفَ موعدَ منْ لا أرَى … لدَهرِيَ، إلاّ بهِ، موعِدَا

أتاني عِتابٌ متى أدّكِرْ … هُ، في نشواتِ الكرَى ، أسهدَا

وَإنْ كانَ أعقبَهُ ما اقْتَضى … شفاءَ السّقامِ، ونقعَ الصّدَى

ثناءٌ ثنَى ، في سناء المحـ … ـلّ، زُهْرَ الكواكِبَ لي حُسَّدا

قريضٌ متى أبغِ للقرضِ منْهُ … أدَاءً أجِدْ شأوَهُ أبْعَدَا

لوِ الشّمسُ، من نَظمهِ، حُلّيتْ، … أوِ البدرُ قامَ لهُ منشِدَا

لضاعفَ، منْ شرفِ النّيِّرَيْـ … ـينِ، حَظّاً بهِ قارَنَ الأسْعَدُا

فديْتُكَ مولى ً: إذا ما عثرْتُ … أقالَ، ومَهْمَا أزِغْ أُرشَدَا

رَكنْتُ إلى كرمِ الصّفْحِ منهُ، … فآمَنَني ذَاكَ أنْ يَحْقِدَا

وآنسْتُ سُوقَ احْتِمالٍ أبَى … لمستبضعِ العذرِ أن يكسدَا

شَفيعي إلَيْهِ هَوَى مُخْلِصٍ، … كَما أخْلَصَ السّابِكُ العَسْجَدَا

ومنْ وصلي هجرة ٌ لا أعدُّ، … لحالي، سِوَى يَوْمِهَا مَوْلِدَا

وَنُعْمَى ، تَفَيّأتُهَا أيْكَة ً، … فشكْرِي حمامٌ بهَا غرّدَا

تباركَ منْ جمعَ الخيرَ فيكَ، … وأشعرَكَ الخلقَ الأمجدَا

مضاءُ الجنانِ، وظرفُ اللّسانِ، … وَجُودُ البَنَانِ بِسَكْبِ الجَدَا

رأى شيمتَيكَ لمَا تستحقّ، … وقفّى ، فأظفرَ إذْ أيّدَا

ليهنِكَ أنّكَ أزكَى الملوكِ … بفيءٍ، وأشرفُهُمْ سودَدَا

سوى ناجلٍ لكَ سامي الهمو … مِ، داني الفواضلِ، نائي المَدَى

همامٌ أغرُّ، رويْتَ الفخارَ … حديثاً، إلى سروِهِ مسندَا

سَلَكْتَ إلى المَجْدِ مِنْهاجَهُ، … فقدْ طابقَ الأطرَفُ الأتْلَدَا

هوَ اللّيْثُ قلّدَ منْكَ النِّجَادَ، … ليَوْمِ الوَغَى ، شِبْلَهُ الأنْجَدَا

يعدُّكَ صارمَ عزمٍ ورأيٍ، … فترضِيهِ جرّدَ أوْ أغمِدَا

وما استبهمَ القفلُ في الحادثَا … تِ، إلاّ رآكَ لَهُ مِقْلَدَا

فأمطاكَ منكبَ طرفِ النّجومِ؛ … وأوْطَأَ أخمصَكَ الفرْقَدَا

فلا زلتُمَا، يرفعُ الأوْلِيَا … ءَ ملكُكُمَا، ويحطّ العِدَا

وَنَفْسِي لِنَفْسَيْكُمَا البَرّتَيْـ … ـنِ، من كلّ ما يتوقّى ، الفدَا

فَمَنْ قال: أنْ لَسْتُمَا أوْحَدَيْـ … ـنِ في الصّالِحاتِ، فَما وَحّدَا