أفاتحة أم ختام – إيليا أبو ماضي

قالها في رثاء الاسقف … عمانوئيل أبو حطب

ما وعظ الإنسان مثل الحمام … فليتّعظ بالصّمت أهل الكلام

أفصح من كلّ فصيح بنا … هذا الذي أعياه ردّ السلام

إنّي أراه وهو صمته … أروع من جيش كبير لهام

نامت جفون سهرت للعلى … من قبل أن ينجاب جنح الظلام

وسكن الوّثاب في صدره … من قبل أن يدرك كلّ المرام

يا لهفة القوم على كوكب … لاح قليلا واختفى في الغمام

ولهفة الدّين على سيّد … كان يرّجى في الخطوب الجسام

وصاحب قد كان في صحبه … كالروض فيه أرج وابتسام

ما غاب عنّا وكأنّي به … يفصله عن صحبه ألف عام

من الذي يطفىء من بعده … في المهج الحرّى ذكي الضرام؟

من الذي يمسح دمع الأسى … وماسح الأدمع تحت الرغام؟

يا نائما مستغرقا في الكرى … خطبك قد أقلق حتى النيام

خبّر، فإنّ القوم في حيرة … هل الرّدى فاتحه أم ختام

وهل صحيح أنّ كلّ المنى … يطحنها صرف الرّدى كالعظام ؟

وهل حقيق أنّ أهل العلى … والفضل بعد الموت مثل الطغام؟

أم بعد هذا يقظة حلوة … ينسى بها المرء الشقا والسّقام؟

ويصبح النابه في مأمن … من عنت المال وعيث الحسام؟

وتستوي الحالات في حالة … لا حيف فيها، لا أذى ، لا انتقام؟

خبّر، وحدّث، كلّنا حائر … ذو الجهل منّا والأريب الهمام

لأيّما أمر يعيش الورى ؟ … لأيّما أمر يموت الأنام؟

وأين دار ليس فيها شقا … إن لمتكن هاتيك دار السلام؟

نم آمنا، فالمرء بعد الردى … كالفكر ، لا يزرى به ، لا يضام

كلمات: سارى

ألحان: ماجد المهندس