أغرُّ مُخيلاتِ الأماني لَمُوعها – ابن الرومي

أغرُّ مُخيلاتِ الأماني لَمُوعها … وأشقَى نفوس الشائميها طَمُوعُها

دعتْنا إلى حمد الرجال وذمِّهم … هموعُ سحاباتٍ لهم ودموعُها

وللدهر فينا قسمة عجرفية … على السخط والمرضاة ِ منَّا وقوعُها

فهيماء في ضحْل السارب كُرُوعها … وهيماء في بحر الشَّراب كَروعُها

وسافلة يُزرى عليها سفُولُها … ويافعة ٌ يزرى عليها يُفوعُها

وفي هذه الدنيا عصائبُ لم تزل … لخطَّة ضيم لا لحقٍّ خُنوعها

فلا في الهَناتِ المحفِظاتِ إباؤها … ولا في الحقوق الواجبات بخُوعها

فلا يأمنوا وليحذروا غبَّ أمرهم … فبغيُ الجدود العاليات صُروعُها

ومن أمنِ نفسٍ أن تخاف ولم يكن … لتأمنَ من مكروهة ٍ لا تروعُها

سينفر من أمن العواقب آمنٌ … بلا من مُناه ما جناه خَدوعُها

وللناس أفعالٌ يجازى مِدادُها … وللدهرِ أحوال يكايَلُ صُوعُها

لعلَّ ذرى ً تهوي وعلَّ أسافلاً … ستعلو وخَفَّاض المباني رَفوعها

فكم من جدودٍ ذل منها عزيزُها … وكم من جدود عزَّ منها ضروعها

ألا أبلغا عني العلاء بن صاعد … رسالة ذي نفسٍ قليل هُلوعُها

فإن تحتجز فاللَّه جمٌّ عطاؤه … وإن تحتجب فالشمس جمٌّ طلوعها

أبت نفسُكَ المعروفَ حتى تبتَّلت … إلى اليأس نفسٌ واطمأن مَروعها

ولكنكم لا تُبطنون محبة ً … لنخلتكم ماسحٌ أرضاً صقوعُها

فقد عزفت عن كل ما كنت أبتغي … لديك فأمسَى كبرياءً خُضوعها

سأظلفُ من نفسٍ بذلتُ سجودها … وكان حقيقاً أن يُصان ركوعها

هي النفس أغْنتها عن الدهر كلِّه … قناعتُها إذ لم يفُتْها قنوعها

عفاء على الدنيا إذا مستحقُّها … بَغاها ومن تُبغَى لديه منوعُها

جزتكم جَوازي الشَّرِّيا آل مخلدٍ … وأقوتْ من النعمى عليكم ربُوعُها

ولا انفرجت عنكم من الكره خطَّة ٌ … ولا التأمت إلا عليكم صُدوعُها

ولا صمدت إلا إليكم مُلمَّة ٌ … ولا كان فيكم يومَ ذاك دُفوعُها

ليهنيكُمُ أنْ ليس يوجد منكمُ … لَبوسُ ثيابِ المجد لكن خَلوعها

وأن ركايا الماءِ فيكم جَرُورها … إذا كان في القوم الكرام نَزوعها

نظرنا فأجدى من عطاياكُم المنى … وأندى على الأكباد منهن جوعُها

وجدناكُمُ أرضاً كثيراً بذورُها … رِواءً سواقيها قليلاً رُيوعها

فلا بوركت عينٌ تسيح لسقيها … كما لم تبارك في الزروع زروعها

جَهدناكُمُ مَرْياً فقال ذوو النُّهى … لقد أشبهت أظلافَ شاة ٍ ضروعها

ألا لا سقى اللَّه الحيا شجراتِكم … إذا ما سماءُ اللَّه صاب هُمُوعُها

فما بردت للاَّغبين ظلالُها … ولا عذُبت للسائغين نُبوعُها

أبتْ شجراتٌ أن تطيب ثمارُها … وقد خَبُثتْ أعراقُها وفروعُها

نكحتُمْ بلا مهرٍ قوافيَ لستُمُ … بأَكْفائِها فاللائعاتُ تلوعُها

رويدَكُمُ لا تعجلوا ورويدَها … ستغلو لدى قومٍ سواكم بَضوعُها

سُتمهَر أبكاري إذا وخَدتْ بها … خَنوف المهاري بالفلا وضبوعها

وإنِّي إذا ما ضقْتُ ذرعاً ببلدة ٍ … لجَوّاب أقطار البلاد ذَروعها

وليس القوافي بالقوافي إن اتُّقى … هجوعُكم عن حقِّها وهجوعُها

وليس بأشباه الأفاعي عرامة ٌ … متى لم يطل بالعيث فيكم وُلوعُها

وكانت إذا أبدتْ خشوعاً فخيبت … أبى عزُّها أن يستقاد خشوعها

ومن لم تجد في فضل كفَّيه مرتعاً … ففي عرضه لا في سواه روعُها

ألا تلكم الغيدُ العَطابِيل أصبحتْ … إلى غيركم أرشاقُها وتلُوعها

عذارى قوافٍ كالعذارى خريدُها … يقود الفتى نحو الصبا وشَموعُها

كسوناكُم منها ونحن بغرة ٍ … مدائح لم تُغبَط بربح بُيوعها

وكم نزعت منا إليكم مطامعٌ … فأضحت وعنكمْ لا إليكم نُزوعها

لقد ضُلِّلَتْ وَجْناءُ باتت وأصبحت … يُهزُّ إليكم رحلُها وقطوعها

قضى ربُّها أن لا تحلَّ نسوعُها … يدَ الدهر إذ شُدَّت إليكم نسوعُها

تسربلتُمُ النعمى فطال عِثاركم … بأذيالها واسودَّ منها نصُوعُها

وما عَطِرتْ أثوابها إذ علتكُمُ … ولا حسُنَتْ في عين راءٍ دروعها

ولم تظلموا أن تعقروا في ملابسٍ … مذيَّلة أبواعُكم لا تبوعُها

على أنكم طُلتُم بحظِّ علائكم … فلجَّ بعيدانٍ لئامٍ منوعها

بسقُتْم بسُوقَ النخل ظلماً فأبشروا … ستسموبكم عما قليل جذوعُها

وقُلتُم رجَحنا بالرجال بحقنا … وأيُّ رجال لم تَزِنْكم شسُوعها

وهل أنتُم إلا مُذيعو مَناسبٍ … تردُّ عليكم ما ادعاه ذيوعُها

أحلُّكم ورهاء يُرذم أنفُها … فيمخِطُها من شدة الموقِ كُوعُها

مفكَّكُ أوصالٍ معلَّل فقحة ٍ … عضوضٌ بسُفلاه الأيورَ بَلوعُها

ضعيف اللُّتيَّا في الدماغ سخيفُها … قويُّ اللُّتيَّا في الحِتارِ لَذوعها

يلاحظ دنياه فأحلى متاعِها … طَواميرُها في عينه وشَموعها

وما عَدمْتَ وَجْعاءُ عبدونَ سلحة ً … ولا طَهُرتْ إلا وفحلٌ يقُوعها

أنُوفَكُم أعني بما قلت آنفاً … بني مخلد حَيَّ الأنوفَ جُدُوعُها

أفدتُمْ ثراء فاستفدتم عُروبة ً … وقد فضح الأنساب منكم شيوعُها

وإن بيوت البدو لو تصدقوننا … لأبنية ما ظلَّلتكم نُطوعُها

ولو أنكم كنتمُ دهاقين سادة … لما راقكم جوعُ العريبِ ونُوْعُهَا

أبتْ ذكَر حُزوى منُكم واشتياقكم … إليها قلوب ذِكْرُ جُوخَى يضُوعها

فديتم بني وهب فإنِّي رأيتُهم … أبوْا قذعة ً يحتجُّ فيها قذوعُها

وأقنعهم من مدهم ما كفاهمُ … وأعلى نفوسِ الراغبين قَنُوعُها

وما درك الدِّهقانِ في قيل قائلٍ … ألا ذاك خصَّافُ النعال رَقُوعها

ألا ذاك بنَّاء الحياضِ وَرودُها … ألا ذاك حلاّب اللِّقاح رَضُوعها

وإن كان في عدنانَ نورُ نبوَّة ٍ … فَروْجٌ لظلماء الضلال صَدُوعها

ومن حكمها لعنُ الدَّعيِّ وثلْبُه … إذا واصلَ الأرحام عُدَّ قطوعُها

أرى سَقم الدنيا بصحة حظِّكم … شفى داءها ضرَّارُها ونَفوعُها

وهذا أبو العباس حيّاً مؤمّلاً … ضروب الرؤوس الطامحاتِ قَموعُها

فتى من بني العباس كهلٌ جَلالُه … رَكوبٌ لأشراف النِّجاد طلوعُها

فَروقٌ لأَلباس الأمور فَصُولُها … ضَمومٌ لأَشتاتِ الأمور جَموعُها

وللَّه والأيام فيه وديعة ٌ … تُداوَى بها البلوى وشيكٌ نجوعُها

وما برحتْ في كل حال تسُوسها … له شِيَمٌ زهْر المحاسن روعُها

فصبراً لأيامٍ له ستروْنها … يطولُ عليكم أيها القومُ سُوعُها

وقد شمتُمُ منه ومن أوليائه … بوارقَ لم يُخلِفْ هناك لَموعُها

ألا تلك آسادُ الشَّرى وبروزُها … فدتْها خنازير القرى وقُبوعها

بدوا وحَجرتم ظالمين بني استها … فبتُّمْ وفي الأستاه منكم كُسُوعُها

وما يستوي في الطير صقرٌ وهامة ٌ … لعمري ولا شحَّاجُها وسَجُوعُها

جمحتم إلى القصوى من الشرِّ كلِّه … وللدهر فيكم روعة ٌ سيرُوعُها

وأبطركم أكل الحرام فأمْهِلوا … لكلِّ أكولٍ هَوعة ٌ سيهوعُها

كأن قد دسعتُم بالخبيث ولم تزل … لكم دَسعات لا يُسقَّى دسوعها

ستكْسَع منكم دولة ٌ حان بينُها … بدولة ِ صدق قد أظلَّ رجُوعها

نقوم بها من آل وهبٍ عصابة ٌ … تحنَّت على نصح الملوك ضُلوعُها

لهم دولة ٌ منصورة ٌ بفعالهم … أبى النصرُ أن تنفضَّ عنها جُموعُها

تَقَدَّمُهُمْ في كل فضلٍ سيوفُها … ومعروفهم في كل أزْلٍ دروعُها

هنالك يشفى من صدور غلِيلُها … إذا ما الدواهي طال فيكم شرُوعها

أرتني سعودي ذلك اليومَ أنه … برود نفوسٍ حُلِّئتْ ونُقوعُها

ولا رقأتْ إبَّان ذاك دماؤهم … ولا أعين فاضت عليكم دُموعُها

منحتكموها شُكم نفْسٍ أبيَّة ٍ … قليلٍ عن الطَّاغي الأبيِّ كُيوعُها

فدونكمُ شوْهاء فوْهاء صاغها … مُشَوَّهُ أقوالٍ وطوراً صَنوعُها

وما كنتُ قوَّال الخنا غير أنني … قؤول التي تُشْجِي اللئيم سَموعُها

رؤوم صفاة ٍ أنبتتْ وتفجَّرت … رجومُ صفاة ٍ أصلدتْ وقَروعها

وإني لمَنَّاح الأنوف تحيَّتِي … فإن جهلتْ حقي فعندي نُشوعُها

فإن شمختْ من بعد ذاك فإنني … قَذوع لآنافٍ قليلٍ قُذُوعها

بحدٍّ جرتْ جريَ الرياح فأصبحت … سُطوعُ حياء النيِّرين سُطوعها

فمن صدَّ من نَفَّاحها وبَرُودها … فعندي له لفَّاحها وسَفُوعها

وإنِّي لطلاّبُ التي أنا أهلُها … وغيري إذا ولّت قفاها تَبوعُها

وما أنا في حال العطايا فَروحها … وما أنا في حال البلايا جَزُوعها

لقد سرَّت الدنيا وضرَّت جُناتَها … فمجَّاجُها للقوم أَرْياً لسَوعُها

فلا تأس للدنيا ولا تغتبطْ بها … فوهَّابُها سلاَّبها وفَجوعُها