أعاذل قد نهيت فما انتهيتُ – بشار بن برد
أعاذل قد نهيت فما انتهيتُ … وقد طال العتاب فما انثنيتُ
أعاذل ما ملكت فأقسريني … وَمَا اللَّذَّاتُ إِلاَّ مَا اشْتَهَيْتُ
أطيعك ما عطفت علي براً … وإن حاولت معصيتي عصيتُ
أعاذل قد كبرتُ وفي ملهى ً … وَلَوْ أجْرَيَتُ غَايَتَكِ ارْعَوَيْتُ
لقد نظر الوشاة إلي شزراً … وَمِنْ نَظَرِي إِلَيْهَا ما اشتَفَيْتُ
وقالوا : قد تعرض كي يراها … وماذا ضرهم مما رأيت
وَمَا كَلَّفْتُهَا إِلاَّ جَمِيلاً … ولا عاهدتها إلا وفيتُ
ويوم ذكرتها في الشرب إني … إذا عرض الحديث بها اعتديت
شَرِبْتُ زُجَاجَة ً وَبَكَيْتُ أخْرَى … فَرَاحُوا مُنْتَشِينَ وَمَا انْتَشَيْتُ
وَمَا يَخْفَى عَلَى النُّدَمَاءِ أنِّي … أجيد بها الغناء وإن كنيتُ
وأتبعت المنى بنجاد “ليتٍ” … وما يغني عن الطربات “ليتُ”
وَجَارِيَة ٍ يَسُورُ بِنَا هَوَاهَا … كَمَا سَارَتْ مُشَعْشَعَة ٌ كُمَيْتُ
يُزَيِّنُ وَجْهُهَا خَلْقاً عَمِيماً … وزين وجهها حسب وبيتُ
إذا قربت شفيت بها سقاما … على كبدي وإن شحطت بكيتُ
نسجت لها القريض بماء ودي … لتلبسه وتشرب ما سقيت
وَدَسَّتْ فِي الْكِتَابِ إِلَيَّ: إِنِّي … وقيتك لو أرى خللاً مضيتُ
على ما قد علمت جنون أمي … وأعين إخوتي منذ ارتديتُ
يَقُولُونَ: انْعَمِي، وَيَرَوْنَ عَاراً … خُرُوجِي إِنْ رَكِبْتُ وَإِنْ مَشَيْتُ
وَمِنْ طَرَبِي إِليْك خَشَعْتُ فِيهِمْ … كَمَا يَتَخَشَّعُ الْفَرَسُ السُّكَيْتُ
وقد قامت وليدتها تغني … عَشِيَّة َ جَاءَهَا أنِّي اشْتَكَيْتُ
تَقُولُ وَدُفُّهَا زَجَلُ النَّوَاحِي … إذا أمي أبت صلتي أبيتُ
دَعَانِي مَنْ هَوِيتُ فَلَمْ أجِبْهُ … وَلَوْ أسْطِيعُ حِينَ دَعَا سَعَيْتُ
أَلاَ يَا أمَّتَا لا كُنْتِ أمّاً … أأمنع ما أحب وقد غليتُ
أمِنْ حَجَرٍ فُؤَادُكِ أَمْ حَدِيدٍ … وَمَا يَدْرِي الْعَشِيرُ بِمَا دَرَيتُ
وِمَا تَرْثِينَ لِي مِمَّا ألاَقِي … وَإِنَّكِ لَوْ عَشِقْتِ إذاً رَثَيْتُ