أصابك عشق أم رميت بأسهم – اليزيد بن معاوية

أراكَ طَروباً ذا شجاً و ترنمِ … تطوفُ بأكناف السّجاف المخيمِ
أصابك عشقٌ أمْ رُميت بأسهمِ … ومَا هذه إلا سجيّة مُغرمِ
على شاطئِ الوادي نظرتُ حمامةً … أطالتْ عليّ حسرتي والتندمِ
فإنْ كنتَ مشتاقاً إلى أيمن الحمى … وتهوى بسكانِ الخيامِ فأنعم

أُشيرُ إليها بالبنان كأنّما … أُشيرُ إلى البيتِ العتيقِ المعظّمِ
خُذوا بدمي ذات الوشاحِ فإنني … رأيتُ بعيني في أنَاملها دمي
خُذوا بدمي منها فإني قتيلها … وما مقصدي إلا تجود وتنعم
ولا تقتلوها إنْ ظفرتم بقتلها … ولكنْ سلوها كيفَ حلّ لها دمي

وقولوا لها يا مُنية النفس إنني … قتيلُ الهوى والعشقِ لو كنتِ تعلمي
ولا تحسبوا أني قُتلت بصارمٍ … ولكنْ رمتني مِن رباها بأسهمِ
أغارُ عليها مِن أبيها وأمِها … ومن خطوةِ المسواكِ إن دار في الفمِ
أغارُ على أعطافها من ثيابها … إذا لبستها فوق جسمٍ مُنعمِ

وأحسدُ أقداحاً تقبلُ ثغرُها … إذا وضعتها موضعَ اللثمِ في الفم
لها حكم لقمان وصورة يوسف … ونغمة داوود وعفة مريمِ
ولي حزنُ يعقوب ووحشه يونس … وآلام أيوب وحسرة آدمِ
ولمّا تلاقينا وجدتُ بنانها … مخضبةً تحكي عصارة عندمِ

فقلت خضبت الكف بعدي هكذا … يكون جزاء المستهام المتيم
فقالت وأبدت في الحشا حرق الجوى … مقالة من في القول لم يتبرم
وعيشكم ما هذا خضاب عرفته … فلا تك بالزور والبهتان متهم

ولكنني لما وجدتك راحلاً … وقد كنت لي كفي وزندي ومعصمِ

بكيت دماً يوم النوى فمسحته … بكفي فاحمرّت بناني من دمي
ولو قبل مبكاها بكيت صبابة … لكنت شفيت النفس قبل التندم ِ
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا … بكاها فكان الفضل للمتقدم ِ
بكيت على من زين الحسن وجهها … وليس لها مثل بعرب وأعجمي

مدنية الألفاظ مكية الحشى … هلالية العينين طائية الفم
وممشوطة بالمسك قد فاح نشرها … بثغر كأن الدر فيه منظم
أشارت برمش العين خيفة أهلها … إشارة محسود ولم تتكلم
فأيقنت أن الطرف قال مرحبا … وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيم

فوسدتها زندي وقبلت ثغرها … فكانت حلالاً لي ولو كنت محرم
فوالله لولا اللهِ والخوفِ والرجا … لعانقتُها بين الحطيمِ وزمزمِ
وقبلتها تسعاً وتسعون قبلة … مفرقة بالخد والكف والفم
وقد حرم الله الزنا في كِتابهِ … وما حرم القُبلات بالخد والفمِ

ولو حُرِّم التقبيل على دين أحمد … لقبلتها على دين المسيح ابن مريم
ألا فاسقني كاسات خمر وغن لي … بذكر سليمى والرباب وزمزم
وآخر قولي مثل ما قلت أولاً … أراك طروباً والهاً كالمتيم

كلمات: اليزيد بن معاوية