أشرق وحولك ولدك الأبرار – جبران خليل جبران

أشرق وحولك ولدك الأبرار … كالشمس تزهو حولها الأنوار

أنت الفريدة في بديع نظامهم … وهم القلادة درها مختار

يا حسن حفلتهم ويا عجبا لما … كانوا وما بعد الطفولة صاروا

حالان للأقدار سر فيهما … تمضي ولا تتضارع الأقدار

أأولئك المرد الأولى جابوا الصبا … والخطو وثب والرقاد غرار

هم هؤلاء الشيب يلقون العصا … وعلى الرؤوس من المسير غبار

هيهات يصفو العمر مثل صفائه … أيام نحن فتنتها وهن كثار

ما أسمج الدنيا وفينا كبرة … ما أبهج الدنيا ونحن صغار

بالأمس تنمو والغصون نضيرة … والعيش تستر شوكه الأزهار

واليوم تستحيي الرياض لعريها … وتلوح لا ورق ولا أثمار

ما ننس لن ننساه عهدا طيبا … ولى فظل يعيده التذكار

في ظل سيدنا انقضى لكن له … مهما يغب في الأنفس استحضار

فيه طلبنا العلم تحت لوائه … ولواؤه ظل لنا ومنار

أي إخوتي هذا مربينا الذي … لهداه في أعياننا آثار

حبر تحقق في علاه رجاؤنا … لما غدا تعنو له الأحبار

وافى إلى مصر فكانت رحلة … قرت بها من شعبه الأبصار

قد أكبرت ذاك القدوم فأبدعت … زيناتها ولمثله الإكبار

كادت تخف البيعة الكبرى له … لو لم يثبتها الغداة وقار

أبدت أفانين المحاسن داره … وأجل حسنا ما تكن الدار

ولربما منح الجماد كرامة … فأجل قدر الزائرين مزار

ديمتريوس العالم العلم الذي … تصبي النهى أخلاقه الأطهار

نعم الهمام الثبت إن مرت به … أزم ونعم الحازم الصبار

ألمرتجي عفو الكريم المتقي … غضب الحليم المحسن الغفار

ألمقتفي باليسير أعدل منهج … نهجته أسلاف له أخيار

أنظرتموه حين يدعو ربه … والشمس تاج والنجوم دثار

يجلو سنى القدس المحجب جهره … وعلى يديه تكمل الأسرار

وكأن لألاء المسيح بوجهه … إذ تنجلي عن وجهه الأستار

يا أيها الإخوان من أبكارنا … سنا وفيم الروغ والإنكار

بل أيها الإخوان من أبكارنا … علما ونعم الإخوة الأبكار

من كل ذي نبل وذي فضل وذي … أدب به تتنادم السمار

ألبشر شاملكم فإن لم يوفه … وصفي فقد يعيي به بشار

رعيا لمجهودي وفي شرع الهوى … يرعى القصور ويكره الإقصار

سمعان يسمع كل مدح إن يقل … في غيره وله به استبشار

واليوم أجرأ أن أخالف طبعه … وجميعكم في ذاك لي أنصار

يا رابح الوزنات أبشر هكذا … أجر الزكاة وهكذا الإتجار

ليس المحدث عن نداك بمفتر … ومصدقاه الخبر والأخبار

عش يا همام وسد فمثلك إن يسد … فيه لأمته غني وفخار

عود إلى الضيف الجليل فإن أكن … داولت في مدحي فلي أعذار

قد يستحب العقد وهو مفصل … ويروع حين ينوع النوار

يا أيها المولى الكبير بنفسه … وبتابعيه وإنهم لكبار

لم يخطيء الداعيك بالقاضي إذا … عني الذي لا تحرف الأوطار

ألعدل عندك رحمة علوية … حتى يثوب إلى التقى الأشرار

فإذا تقاضتك الشجاعة حقها … شقي العتي وحطم الجبار

دم راعيا للشعب يا مختاره … يسعد بظلك شعبك المختار