أرقتُ للبرق بالعلياء يضطرمُ – الشريف المرتضى

أرقتُ للبرق بالعلياء يضطرمُ … وحبَّذا ومضُهُ لو أنَّهُ أَمَمُ

أمسى يشنُّ على الآفاقِ صبغنه … كأنّما الجوّ منه عندمٌ ودمُ

ينزو خلالَ الدُّجى واللّيلُ مُعتكرٌ … نزوَ الشّرارة ِ من أرجائها الغممُ “

ولامعٌ قابعٌ طوراً إِخالُ به الـ … اللّيلُ يضحك والآفاق تبتسمُ

قد شاقنى وبلادى منه نازحة ٌ … إلى وجوهٍ بهنَّ الحسنُ يعتصمُ

قومٌ يَضِنُّون بالجَدْوى فإن بذلوا … من غيرِ عمدٍ لشيءٍ في الهوى ندموا

ويأمرونا بصبرٍ عن لقائهمُ … وكيفَ نصبرُ والألبابُ عندهُمُ؟

وعَيَّرتْني مشيبَ الرَأس خُرْعُبَة ٌ … وربّ شيبٍ بدا لم يجنه الهرمُ

” لاتتشكّى ْ ” كلوماً لم تصبكِ فما … يَشكو أذى الشَّيب إلاّ العُذرُ واللِّمَمُ

شيبٌ كما شُنَّ في جُنحِ الدُّجى قَبَسٌ … أوِ انجَلَتْ عن تباشيرِ الضُّحى ظُلَمُ

ما كنتُ قبل مشيبٍ باتَ يظلُمني … لظالم أبَدَ الأيّامِ أنْظَلِمُ

يا صاحبيَّ على نَعْمانَ دونَكما … قلباً تَذَكُّرُ نَعْمانٍ له سَقَمُ

كم فيه من قاتلٍ عمداً ولا قودٌ … وظالمٍ لمحبِّيهِ ولا حَكَمُ

وماطلٍ ما اقتضيناهُ مواعدنا … إلا وفى سمعه عن قولنا صممُ

وسلِّما فهناكَ الحبُّ مجتمعٌ … على شعابٍ بهنَّ الضَّالُ والسَّلَمُ

يَلحَى العذولُ وما استنصحتُهُ سَفَهاً … وكلُّ من يَبْتديك النُّصْحَ مُتَّهَمُ

وما على مثلهِ لولا تكلُّفُهُ … منَ الأَحِبَّة ِ لَمُّوا الحَبْلَ أمْ صَرَموا؟

يا مَنزلَ الغيثِ مُرخًى من ذَلاذِلِهِ … يحثُّه صَخَبُ التَّغريدِ مُهتزمُ

كأنَّما سُحْبُهُ سُحْماً مهدَّلَة ً … زالتْ بها الصّمُّ أو “شلّتْ” بها النّعمُ

سقى المنازلَ من أرْجانَ ما احتملتْ … رفهاً فلا حاجة ٌ تبقى ولا سأمُ

مواطنٌ “أبّهاتُ” الملك ثاوية ٌ … فيهنّ والسّؤددُ الفضفاضُ والكرمُ

الموردُ العذبُ مبذولاً لواردهِ … والمالُ يُظلمُ بالجَدْوى ويُهتَضَمُ

وجانبٌ لا يخاف الدّهرُ فيه ولا … يهابُ من نَفَجاتٍ عنده العَدَمُ

للنّازلين محلُّ القاطنين به … والأقربون لأضيافِ القِرى خَدَمُ

وواهبٌ سالبٌ ماشاءَ من عَرَضٍ … ومنعمٌ محسنٌ طوراً ومنتقمُ

“يلقى ” على كثبِ النّعمى شراشرة ُ … فالحمدُ مجتمعٌ والمالُ مقتسمُ

أما قناتك يا ملكَ الملوك فما … زالتْ تردّ نيوبَ القومِ إذْ عجموا

صمّاً يرجّعُ عنها الغامزون لها … وفى أناملهمْ من غمزها ألمُ

وقد بلوك ونارُ الحربِ موقدة ٌ … واليومُ ملتهبُ القطرين محتدمُ

يومٌ كأنَّ أُسودَ الغاب ضارية ٌ … فرسانُهُ وقنا فرسانِهِ الأَجَمُ

في ظهرِ مَعْروقة ِ اللَّحْيَيْنِ ثائرة ٍ … كأنَّما مسَّها من طيشِها لَمَمُ

معقولة ٌ بازدحام الخيل تعثرها … ولا عِثَارَ بها، الأحشاءُ والقِمَمُ

وفتية ٌ كقداحِ النّبعِ تحملهمْ … على خطارِ الرّدى “الأخطارُ” والشّيمُ

بينَ القَنا والظُّبا مسلولة ً نَشؤوا … وفى ظهور الجيادِ القرّحِ احتلموا

من كلّ ملتبسٍ بالطّعنِ منغمسٍ … يَعْتمُّ بالدَّمِ طَوراً ثمَّ يلتئِمُ

تراهُمُ كيفما لاقوا أعادِيهَمْ … لا يغنمون سوى الأرواح إنْ غنموا

محجّبين عن الفحشاء قاطبة ً … كأنّهمْ بسوى المعروف ما علموا

إنْ ظاهروا البدرَ في ثوبِ الدُّجَى ظَهروا … أو ظالموا اللَّيثَ في عِرِّيسهِ ظلموا

كم أَوْهنوا من جراثيمٍ وماوَهنوا … وأَرغموا من عرانينٍ وما رُغِموا

وأرهقوا من عظيمٍ خنزوانته … يئطُّ فى القدِّ أو تهفو به الرّخمُ

“تقيّلوا” منك أخلاقاً تثبّتهمْ … فى مأزقٍ هزّه الشّجعانُ فانهزموا

وأقدموا بعد أَنْ ضاقَ المَكَرُّ بهمْ … لمّا رأَوك على الأهوالِ تَقتحمُ

من مبلغٌ مالكَ الأطرافِ مألكة ً … فإنَّما العِيُّ في الأقوالِ مُحتَشَمُ

بعدتمُ فحسبتمْ بعدكمْ حرماً … والأمنُ دونَ النَّوى منكُم هو و

كلُّ ناءٍ وإنْ شطَّ البِعادُ بهِ … تناله من بهاءِ الدّولة ِ الهممُ

كالشَّمسِ في الفلكِ الدَّوَّارِ قاصية ٌ … ويصطلى حرّها الأقوامُ والأممُ

وإنّما غرّكمْ بالجهلِ أنّكم … سَرقتمُ ماظننتمْ أنَّه لكمُ

تَغنَّموا سِلْمَه واخشَوْا صَريمتَه … فالسِّلْمُ من مثلِهِ ياقومُ مُغَتَنَمُ

واستمسكوا بذمامٍ من عقوبتهِ … فليس تنفع إلاّ عنده الذّممُ

بنى بويهٍ أتمّ اللهُ نعمتكمْ … ولا يزلْ منكمُ فى الملكِ محتكمُ

وأنتَ ياملكَ الأملاك عشْ أبداً … فما سلمتَ لنا فالخلقُ قد سَلموا

وانعمْ نعمتَ بذا النّيروزِ مرتقياً … إلى المحلّ الذى لم ترقهُ قدمُ

مُبَلَّغاً كلَّ ماتَهوى وإِنْ قَصُرَتْ … عنه الأمانيُّ موصولاً لك النِّعمُ