أرامة ُ كنتِ مألفَ كلِّ ريمِ – أبو تمام
أرامة ُ كنتِ مألفَ كلِّ ريمِ … لو استمتعتِ بالأنسِ القديمِ
أدَارَ البُؤْسِ حَسَّنَكِ التَّصَابي … إليَّ فصرتِ جناتِ النعيمِ
لَئِنْ أصبحتِ مَيْدَانَ السَّوافِي … لقَدْ أصبَحتِ مَيْدَانَ الهُمُومِ
ومما ضرَّمَ البرحاءَ أني … شَكَوْتُ فما شَكَوْتُ إلى رَحِيمِ
أظُنُّ الدَّمْعَ في خَدي سَيَبْقَى … رسوماً من بكائي في الرسومِ
وليلِ بتُّ أكلؤه كأني … سَليمٌ أوْ سَهِرْتُ على سَليمِ
أراعي من كواكبه هجاناً … سواماً ما تريعُ إلى المسيمِ
فأقسمُ لو سألتِ دجاهُ عني … لقدْ أنباكِ عن وجدٍ عظيمِ
أنَخْنَا في ديَارِ بَني حَبيبٍ … بناتِ السيرِ تحت بني العزيمِ
وما إنْ زَالَ في جَرْمِ ابنِ عَمْروٍ … كريمٌ من بني عبد الكريمِ
يَكادُ نَدَاهُ يتركُهُ عَديماً … إذا هطلتْ يداه على عديمِ
تَرَاهُ يَذُبُّ عَنْ حَرَمِ المعَالي … فتَحْسِبُه يُدَافِعُ عَنْ حَرِيمِ
غريمٌ للملِّم به وحاشى … نداهُ منْ مماطلة الغريمِ
سفيهُ الرمح جاهلُهُ إذا ما … بدا فضلُ السفيه على الحليمِ
إذا ما قيلَ أرعفتِ العوالي … فليس المرعفاتُ سوى الكلومِ
إذا ما الضربُ حشَّ الحربَ أبدى … أغرَّ الرأي في الخطبِ البهيمِ
تُقفى الحربُ منهُ حينَ تغلي … مراجلها بشيطانٍ رجيمِ
فإن شهدَ المقامة َ يومَ فصلٍ … رأيتَ نظيرَ لقمانِ الحكيمِ
إذا نزلَ النزيعُ بهمْ قروهُ … رياضَ الريف من أنفٍ جميمِ
فَلَوْ شَاهَدْتَهُمْ والزَّائِريهِمْ … لَما مِزْتَ البَعِيدَ مِنَ الحَمِيمِ
أُولئِكَ قَدْ هُدُوا في كُل مَجْدٍ … إلى نَهْجِ الصرَاط المُسْتقِيمِ
أَحلَّهُمُ النَّدَى سِطَة َ المعالي … إذا نزلَ البخيلُ على التخومِ
فروعٌ لا ترفُّ عليك إلا … شَهِدْتَ لَها على طِيبِ الأرومِ
وفي شَرَفِ الْحَدِيثِ دَلِيلُ صِدْقٍ … لِمُخْتَبِرٍ على الشَّرَفِ القَدِيم
لهم غُرَرٌ تُخالُ إذا استنارَتْ … بواهرُها ضرائرَ للنجومِ
قرومٌ للمجيرِ بهم أسودٌ … نَكالٌ للأسودِ وللقرومِ
إذا نزلوا بمَحْلٍ روَّضوهُ … بآثارٍ كآثارِ الغيومِ
لكلٍّ مِن بني حَوَّاءَ عُذْرٌ … ولاعُذْرٌ لطائيٍّ لئيمِ
أحقُّ الناسِ بالكرمِ امرؤٌ لم … يزل يأوي إلى أصلٍ كريمِ