أخا ثقتي أعزِزْ عليّ بنوبة ٍ – ابن الرومي

أخا ثقتي أعزِزْ عليّ بنوبة ٍ … مَنَاكَ بها صَرْفُ القضاء المقدرُ

أُصبت وما للعبد عن حكم ربه … مَحيصٌ وأمر الله أعلى وأقهر

وقد مات من لا يخلُف الدهر مثلهُ … عليك من الأسلاف والحقُّ يبهر

أبٌ بعد أمٍ برَّة وأقاربٌ … مضوا سُرُجاً في ظلمة الليل تَزْهَر

فنمتَ ولم تهجر شرابك بعدهمْ … وكم تهجر النفس الزلالَ وتسهرُ

تعزيتَ عمن أثمرتْك حياتُهُ … ووشْكُ التعزي عن ثمارك أجدر

لأن احتيال الدهرِ في ابنٍ وفي ابنة ٍ … يسيرٌ وكرُّ الدهر شيخيك أعسر

تعذر أن نعتاض من أمهاتنا … وآبائنا والنسلُ لا يتعتذر

إلى أن يقيم الله يومَ حسابهِ … فيُلقون والأرواح تُطوَى وتنشر

فلا تهلِكن حزناً عن ابنة جنة ٍ … غدتْ وهي عند الله تُحبَى وتحبر

لعل الذي أعطاك سِتر حياتها … كساها من اللحد الذي هو أستر

وفي الماء طهر ليس في الطهر مثله … وللتُّرب أحياناً من الماء أطهر

ولن تُخبَر الأنثى طوال حياتها … ولكنها بعد المنية تخبر

وليس بمأمونٍ عليها عِثارُها … مدى الدهر أو يقضى عليها وتُقبر

وكم من أخي حرية ٍ قد رأيتُهُ … بنار ذوي الأصهار يُكوى ويُصهر

فلا تتهم لله فيها ولا ية ً … ولا نظراً فالله للعبد أنْظَر

وأنت وإن أبصرت رشدك كلّهُ … فذو المنظر الأعلى برشدك أبصرُ

ولن يعوزَ الوهّابَ إخلافُ فارسٍ … فصبراً فإن البَرَّ من يتصبر

وفي العيش مُحْلَولٍ وفي العيش مُمقرٌ … وللدهر معروفٌ وللدهر منكَرُ

وما هذه الدنيا بدار إقامة ٍ … ولكنما الدنيا مجاز وَمَعْبر