أثرها وهي تنتعلُ الظِّلالا – الأبيوردي

أثرها وهي تنتعلُ الظِّلالا … وَإنْ ناجتْ مناسمها الكلالا

فليسَ بمنحنى العلمينِ وردٌ … يروِّي الرَّكبَ والإبلَ النِّهالا

وَهبها فارقتهُ فأيُّ وادٍ … تُصادفُ في مذانبهِ بلالا

كأنَّكَ حينَ تزجرها وترخي … أَزِمَّتَها تَروَعُ بِها رِئَالا

فَكَم تُدمي أَخِشَّتَها بِسَيرٍ … يُحَكِّمُ في غوارِبِها الرِّحالا

وتسري في ضميرِ اللَّيلِ سرَّاً … وتخطرُ في جواشنهِ خيالا

وَتَفْري الأَرضَ أحياناً يميناً … على لَغَبٍ، وآونة ً شِمالا

فتوطئها وإنْ حفيت جِبالاً … وتغشيها وقد رزحتْ رمالا

بِآمالٍ تُلَقِّحُهُنَّ عُجْباً … بهنَّ وهنَّ يسررنَ الحِيالا

وَلو خبرَ البريَّة َ من رجاهمْ … لشد على مطيته العقالا

إذا لم يَسْتَفِدْ مِنِهـمْ نَوالاً … فلم يزجي على ظلعٍ جمالا

طَلائِحَ كالقِسيّ، فَإنْ تَرامتْ … على عجلٍ به حكتِ النِّبالا

وَأَينَ أَغَرُّ إنْ يَفْزَعْ كَريمٌ … إليهِ يجدهُ للعافي ثمالا

إذا التفتت عُلاهُ إلى القوافي … وَفَدْنَ عَلى مَكارِمِهِ عِجالا

مَتى تُرِدِ الثَّراءَ فَلسْتَ مِنّي … وخدني غيرُ من سألَ الرِّجالا

فلا تصحب منَ اللُّؤَماءِ وغداً … يكونُ على عشيرتهِ عيالا

وشايعيني فإنيّ لستُ أبدي … لِمَنْ يَنْوي مُخالَصَتي مَلالا

ومن أعلقتهُ أهدابَ وعدٍ … بما يهواهُ لم يخفِ المطالا

أنا ابنُ الأكرمينَ أباً وأمّاً … وهم خيرُ الورى عمّاً وخالا

أَشَدُّهُمُ إذا اجْتَلَدوا قِتالاً … وَأَوْثَقُهُمْ إذا عَقَدوا حِبالا

وأرجحهم إذا قدروا حلوماً … وأصدقهم إذا افتخروا مقالا

وَأَصْلَبُهُمْ لَدى الغَمَراتِ عُوداً … إذا الخَفِراتُ خَلَّيْنَ الحِجالا

غَنُوا في جاهِلِيَّتِهِمْ لَقاحاً … ونارُ الحربِ تشتعلُ اشتعالا

ويسمعُ للكماة ِ بها أليلٌ … إذا خضبت ترائبهم إلالا

وإنْ دعيت نزالِ، مشوا سراعاً … إلى الأقرانِ، وابتدروا النِّزالا

يكبُّونَ العشارَ لمعتفيهم … ويروونَ الأسنَّة َ والنِّصالا

ويثنونَ المغيرة َ عن هواها … إذا الوادي بِظَعْنِ الحَيِّ سالا

ويحتقبون أعماراً قصاراً … وَيَعْتَقِلونَ أَرماحاً طِوالا

على أثباجِ مقربة ٍ تمطَّتْ … بِهمْ، وَرِعالُها تَنْضوا الرِّعالا

فجروُّا السُّمر راجفة ً صدوراً … وَقادوا الجُرْدَ راعِفَة ً نِعالا

بِأَيْدٍ يُسْتَشَفُّ الجودُ فيها … تُفيدُ مَحامِداً وَتُفيتُ مالا

وَأَوْجُهُهُمْ إذا بَرِقَتْ تَجَلَّتْ … عَلَيها هَيْبَة ٌ حَضَنَتْ جَمالا

وإن أشرقنَ فاكتحلتْ عيونٌ … بها لم ترضَ بالقمرِ اكتحالا

وَقَدْ مُلِئَتْ أَسِرَّتُها حَياءً … وألبستِ المهابة َ والجلالا

وفي الإسلامِ ساسوا النَّاسَ حتّى … هُدوا لِلْحَقِّ فَاجْتَنَبوا الضَّلالا

وَهُمْ فَتَحوا البِلادَ بِباتِراتٍ … كأنَّ على أغرَّتِها نمالا

ولولاهم لما درّت بفيءٍ … ولا أرغى بها العربُ الفصالا

وَقَدْ عَلِمَ القَبائِلُ أَنَّ قَوْمِي … أَعزُّهُمُ وأَكْرَمُهُمْ فَعالا

وأصرحهم إذا انتسبوا أصولاً … وأعظمهم إذا وهبوا سجالا

مَضَوا وَأَزالَ مُلْكَهُمُ اللَّيالي … وَأَيَّة دَولَة ٍ أَمِنَتْ زَوالا 

وقد كانوا إذا ركبوا خفافاً … وَفي النّادي إذا جَلَسُوا ثِقالا

ولم يسلبهمُ سفة ٌ حباهم … وَكَيْفَ تُزَعْزِعُ الرِّيحُ الجِبالا

وفيمن خلَّفوا أسارُ حربٍ … كَأُسْدِ الغابِ تَقْتَحِمُ المَصالا

يراميهم أراذلُ كلِّ حيٍّ … وَهُمْ نَفَرٌ يُجيدُونَ النِّضالا

وَيَدْنو شَأوُ حاسِدِهِمْ وَيَنْأى … عليهِ مناطُ مجدهمُ منالا

وها أنا منهمُ، والعرقُ زاكٍ … أَشُدُ لِمَنْ يَكِيدُهُمُ القِبالا

نماني من أميَّة َ كلُّ قرمٍ … تردُّ البزلَ هدرتهُ إفالا

أُشَيِّدُ ما بَناهُ أَبي وَجَدِّي … وأحمي العرضَ‍ خيفة َ أن يذالا

بعارفة ٍ أريشُ بها كريماً … إذا طلبَ الغنى كرهَ السُّؤالا

وكابي اللَّونِ يغمرهُ نجيعٌ … فيصدأُ أو أجدُّ لهُ صقالا

وكلِّ مفاضة ٍ تحكي غديراً … يعانقُ وهوَ مرتعدٌ شمالا

وقد أهدى الدَّبى حدقاً صغارا … لَها فَتَحَوَّلَتْ حَلَقاً دِخالا

وأسمرَ في نحولِ الصَّبِّ لدنٍ … كقدِّ الحبِّ ليناً واعتدالا

تبينُ لهُ مقاتلُ لم تصبها … بَسالَة ُ أَعْزَلٍ شَهِدَ القِتالا

وكيفَ يضلُّ في الظَّلماءِ سارٍ … وَيَحْمِلُ فَوْقَ قِمَّتِهِ ذُبالا

فإن أفخر بآبائي فإنِّي … أراهُمْ أَشْرَفَ الثَّقَلَيْنِ آلا

وفيَّ فضائلٌ يغنينَ عنهم … بها أوطأتُ أخمصيَ الهِلالا

تَريعُ شَوارِدُ الكَلِمِ البَواقِي … إِليَّ فَلا اجْتِلابَ ولا انْتِحالا

فإن أمدح إماماً أو هماماً … فلا جاهاً أرومُ ولا نوالا

وأنظمُ حينَ أفخرَ رائعاتٍ … تَكونُ لِكُلُّ ذي حَسَبٍ مِثالا

وأعبثُ بالنَّسيبِ ولستُ أغشى الـ … ـحرامَ فيقطرُ السِّحرَ الحَلالا

إذا وسعَ التُّقى كرمي فأهونْ … بخودٍ ضاقَ قلباها مجالا

ومن علقَ العفافُ ببردتيهِ … رَأَى هَجْرانَ غانِيَة ٍ وِصالا

فَلَمْ أَسَلِ المَعاصِمَ عَنْ سِوارٍ … وَلا عَنْ حَجْلها القَصَبَ الخِدالا

ولولا نوشة ُ الأيَّامِ منِّي … لما نعمَ اللِّئامُ لديَّ بالا

ولكنّي منيتُ بدهرِ سوءٍ … هُوَ الدّاءُ الذي يُدْعَى عُضالا

يُقَدِّمُ مَنْ يَنالُ النَّقْصُ مِنْهُ … وَيَحْرِمُ كُلَّ مَنْ رُزِقَ الكَمالا