أبدو ولا أبدو – بهيجة مصري إدلبي
من قربه يتناسل البعدُ … وببعده يتكاثف الودُّ
فكأنني نور يكللهُ … عتمٌ وعتمٌ نوره وجدُ
أسعى لهُ ولَهَاً فيأخذني … في رحلتي خلف الرؤى الحمدُ
يمتدُّ بي بصري فلا جهةٌ … تغتاله .. يعمى فأمتدُّ
أنا حيرةٌ حلَّ اليقينُ بها … فكأن ناري وهجها بردُ
وكأن بي صحراء قاحلة … وكأنني يغشاني الوردُ
وكأنني في الغيب أغنيةٌ … وكأنني أبدو ولا أبدو
وقتي تعانقه مشانقهُ … وعلى حروفي ينهض الخلدُ
سري يكبلني فأطلقه … فكأنما أفقي هو القيدُ
أرتدُّ من قلق إلى قلق ٍ … أغفو على قلقي فيشتدُّ
أسري تغيبني نوافذُهُ … والغيب بي بالكشف يرتدُّ
في الريح أقرأ ما ينازعني … وأراود الأسرار إذ تعدو
فيعيدني صمتي لعزلته … فكأنه لمسافتي غمدُ
أفضي لخافيتي مدى تعبي … ونوافذ الأحلام تنسدُّ
فتجيبني لا تحزني ودعي … تلك الرؤى من غيبها تبدو
فأذوب في رؤياي من وله ٍ … يسعى فليس من الهوى بدُّ
وأهيم في الأسرار حائرةً … والحائران : القربُ والبعدُ
في داخلي ضدان ما ائتلفا … والمقلقان : الحزن ُ والسعدُ
لا ينجلي حسن بمفرده … فالنور في الأعماق يسوّدُ
والشهد في أعماقه مرٌّ … والمرُّ في أعماقه شهدُ
كلٌ تكامل في تناقضه … والشاهدان : المهدُ واللحدُ
كلٌ تباين في تكامله … فالضد يُكملُ سره الضدُ