يا مصر لو تقدر الأقدار بالكرم – جبران خليل جبران

يا مصر لو تقدر الأقدار بالكرم … لكنت سابقة الأمصار والأمم

إني أرى منك آيات تحقق لي … أن الندى سيد الخلاق والشيم

وأنه شمم خاف يعز به … على الغزاة وما يبدون من شمم

أبكاك من رقة خطب به صمم … عمن شكا ولبئس الخطب ذو الصمم

دهى دمشق بنار منه هاتكة … نهاشة اللسن للأعراض والحرم

سطت علىم وضع الأرزقا ما تركت … منها سوى كل عاف تحت منهدم

تشبو الغوطة الفيحاء ضاحكة … حيالها ضحك المرزوء باللمم

يهدي زمردها أنوار نضرته … إلى سعير كذوب التبر محتدم

وحولها السبعة الأنهار جارية … من غير جدوى بذاك المدمع الشبم

نكاية الدهر لا يفنى لها لعب … بالناس تلعبه في اللهو والألم

أشقت دمشق التي تدرون ندتها … إذ يبتغيها جلال الملك من قدم

وغذ بنوها هم الآساد إن وردوا … موارد الحرب والجواد في السلم

زهر مآثرهم زهر مفاخرهم … فيمجتلى الحلم أو في مجتنى الحكم

خلال بأس وآداب ومكرمة … آثارها الغر في العقاب لم ترم

لله من نكبوا في دورهم فأوى … وسادهم بعد أن بادت إلى الظلم

لا مطفيء بردى حرا بأنفسهم … ولا معين على الطاغي من الضرم

لكن تداركهم من فضلكم عمم … يأسو جراحات ذاك الكارث العمم

فبارك الله في هذي الوجوه وفي … هذي القلوب وما أسدت من النعم