يا غرباء الحمى سلاما – جبران خليل جبران

يا غرباء الحمى سلاما … حمامكم هون الحماما

إن عاقكم عائق فمصر … تمضي إلى قصدها أماما

كم راح قتلى دون مرام … وقومهم أدركوا المراما

إني أعاني بحس قلبي … خطبكم الرائع الجساما

أشهده والقطار يفري … بسرعة البارق الظلاما

بيناه يمضي علوا وسفلا … ينتهب القاع وافكاما

إذ التقاه ولن يراه … معترض دكه صداما

تناطح الموغلان عدوا … فانحطما في الدجى انحطاما

ذاب جهاز الحديد صهرا … إلا اضاليعه الضخاما

والخشب المضرمات أجلت … عن فحم مبطن ضراما

هنالكم لحظة نسيتم … حيالها الروع والسقاما

مدكرين الحمى وأهلا … فطمتم عنهمو فطاما

داعين تحيا مصر فصرعى … تكابدون الموت الزؤاما

فيا لها الله من ثوان … أقصرها طاول الدواما

وأحر قلبا على شباب … كانوا جسوما صاروا عظاما

كانوا وجوها منورات … تكدسوا أرجلا وهاما

كانوا ابتسام الرجاء أمسوا … ولا رجاء ولا ابتساما

في ذمة الله يا فريقا … عاشوا كراما وماتوا كراما

مصابكم شف مصر حزنا … وروع البيت والشآما

في كل قلب ثكل عليكم … نفى من المقلة المناما

نشدتم العلم في ديار … عزيز اليوم ان تراما

لوجه مصر تسعون سعيا … إلى سماء الفدى سامى

تسخون بالنفس الغوالي … سخاء من يبذل الحطاما

وحسبكم في غرام مصر … أنكم متم غراما

بل قل فيها لو كان كل … من رهطكم جحفلا لهاما

نهاية الفخر كل حر … في مذهب عن حماه حامى

وخالدالمجد من تولى … دون أعز المنى اعتزاما

ما ضار أن بنتمو صغارا … ففي النهى بتموا عظما

رب شيوخ شقوا طويلا … لم يبلغوا ذلم المقاما