يا عينُ ؛ أما لهذا الحادثِ الجلل – الهبل

يا عينُ ؛ أما لهذا الحادثِ الجلل … شقي غمامكِ عن مسترسل هطلِ ؛

وفجري منْ ينابيع الدموع إذاً … بحراً ولاتقنعي منهنّ بالوشلِ

والنوم لا تصليه واهجريه أسى ً … فالسهدُ في مثلهِ فرضٌ على المقل ؛

وأنتَ يا قلبُ إن لم تنصدعْ أسفاً … بينَ الضلوع فسرْ عنهنَّ وانتقلِ ؛

وأنتَ يا صبرُ ولي الظهرَ منهزماً … فقدْ أتتكَ جيوشُ الحزنِ عنْ كملِ ؛

فقد رزينا بمنْ هدتْ لمصرعها … شمّ الشوامخ وانهدت ذرى القللِ ؛

شمسُ الظهيرة ؛ إلا أنها أبداً … ما استوطنتْ قطّ إلا دارة الحملِ

غابت فأصبحَ ظلّ الجود منتقلاً ؛ … وهل سمعتَ بظلًّ غيرِ منتقل

وأسعرتْ إذ تولت في جوانحنا … حربا تحدث عن صفين والجمل

وقامَ كلّ نبيهِ القدرِ يندبها … بكلّ مبتكر الألفاظ مرتجلِ

منْ للأراملِ والأيتام يوسعهم … بذلاً إذا ضنّ كفُّ الغيث بالبللِ

ومن يجير طريد الحادثات ومنْ … يرجى لتصديقِ حسنِ الظنّ والأملِ

ومن يجود على العافين إن وقفوا … من رسم إحسانها العافي على طللِ

كم لوعة ٍ أودعتْ إذ ودعتْ وأسى ً … يزولُ منها ثبيرُ وهيَ لم تزل ؛

بكتْ عيونُ المعاني بعدها حزناً … وكشرّ الدهر عن أنيابه العظلِ

فانفِ المنامَ وقل للدهر نمْ ؛ فلقدْ … رميتَ يا دهر كفَّ المجد بالشلل ؛

وقد فتكتَ بشمسٍ لو تقاسُ بها … شمسُ الظهيرة لم تنحط عن زحلِ ؛

وروضة لم تحاذرْ بطشَ حارسها … وطالما منعتْ بالبيض والأسل ؛

وقد تعمدتَ إرغامَ الأنوفِ بما … أبديتَ من خطأٍ محضٍ ومن خطلِ

جليلة القدرِ فازتْ عند خالقها … بحسنِ ما ادخرتْ من صالحِ العمل ؛

وأسكنتْ جنة الفردوسِ خالدة ً … تميسُ في حبرِ الرضوان والحللَ ؛

عقيلة المجد ؛ ما بين النبيّ زكتْ … أصلاً ؛ وبين أمير المؤمنين علي

أم الحسين الذي سارتْ مكارمه … في الخافقين مسيرَ الشمس والمثلِ ؛

ملكٌ لديه عهودُ الجودِ محكمة ٌ … يحولُ صبغ الليالي وهي لم تحل ؛

تقصر الصيدُ عن إدراكِ غايتهِ … سعياً ويدركها مشياً بلا عجلِ

إن تلقهُ تحظّ منه في ندى ً وردى ً … بالزاخرِ العذب أو بالفارسِ البطلِ ؛

من معشرٍ ثاقبي الأحساب همتهمْ … بلوغُ غاية مجد السادة الأولِ ؛

من سائري الذكر في شامٍ وفي يمنٍ ؛ … من باذلي الجودِ في حافٍ ومنتعلِ ؛

من حافظي الدين من رأي الغلاة ِ وما … عساهُ ينجمُ من زيغٍ ومنْ زللِ

منْ كاشفي ظلم الجلى برأيهمُ … إذا تجهم وجهُ الحادثِ الجللِ ؛

منْ قائدي الجيش مثل البحرِ ملتطماً … مسيرهُ من غمام النصر في ظللٍ

من واهبي البيضِ والسمر الذوابلِ قد … ضمتْ إليها كرام الخيلِ والإبلِ ؛

من مالكي الملكِ في الدنيا بأجمعها … فما لهم فيه بعدَ الله من مثلِ ؛

منْ موردي بيضهمْ هام الكماة ِ فما … تنفكّ في عللٍ منها وفي نهلِ ؛

منْ مصدري سمرهمْ عوجَ الكعوبِ بما … تفضُّ من حلق الأدراع في الوهلِ

لكنهم كفلوا تثقيفها أبداً … إذا انثنتْ بلظى ً للحرب مشتعلِ

قومٌ أقاموا حدودَ الله وابتدروا … بالمشرفية ِ والعسالة ِ الذبلِ

يستوطنونَ ظلالَ النقعِ يومَ وغى ً … ويصحبون القنا فيهِ بلاَ مللِ ؛

رجحٌ ؛ كأنهمُ لم يعرفوا أبداً … من الكلام سوى خذْ ما تشا وسلِ ؛

تضيءُ في دولِ الإسلامِ دولتهم … كأنها غرة ٌ في جبهة الدولِ ؛

وكم بدولتهم منْ دولة ٍ نسختْ ؛ … كأنها ملة الإسلام في المللِ

وجدتُ فيهم مكانَ القولِ ذا سعة ٍ … فإن وجدتَ لسانا قائلا فقلِ

لمْ لاَ نشاركهم في الحادثاتِ وقد … صرنا نشاركهم في المالِ والخولِ ؛

صلى الإلهُ عليهم ما سرى قمرٌ … في الأفق بعدَ أبيهم خاتمِ الرسلِ .