يا طِيبَ «عَبْدَة َ» ويْلي مِنْكَ يا طِيبِي – بشار بن برد
يا طِيبَ «عَبْدَة َ» ويْلي مِنْكَ يا طِيبِي … قَطَّعْتَ قلْبِي بشَوْقٍ غَيْرَ تَعْتيبِ
قُلْ للَّتي نفْسُها نَفْسي وما شعَرتْ … منِّي عليِّ بنومٍ منك موهوب
إنَّ الرَّسول الَّذي أرسلت غادرني … بغُلَّة ٍ مثْل حرِّ النَّار مشْبُوب
أساورُ الليل تحت الهمِّ مجتنحاً … منْ طُول صفْحك عنِّي في أعاجيب
كأنَّ بي منْك طَبًّا لا يُفارقُني … وإنْ غدوتُ صحيحاً غيرَ مطبوب
لقدْ ذَكرْتُكِ والْفَوْقَانُ يأخُذُني … وما نسيتكِ بين الكأس والكوبِ
وقائلٍ إِذْ رأى شوْقي وصفْحكُمُ: … دعها فما لكَ منها غيرُ تنصيب
لا شيْءَ أبْعد ممَّا لَسْتَ نَائلَهُ … إنّ البخيل بعيدٌ غيرُ مقروب
فَقُلْتُ: كلاَّ سيجْزي منْ لهُ كرمٌ … شوْقاً بشوْقٍ وتقْريباً بتقْريب
يهزُّني النَّاسُ منْ واشٍ ومنتصحٍ … واللَّيثُ يفرسُ بين الكلب والذِّيب
لا خيْرَ في الْعيْش إِنْ لمْ تُقْض حاجتُنا … ممَّا نحبُّ على رغم الأقاريب
يزيدُ في الدَّاء منْ تقلى زيارتهُ … إذا التقينا وشافٍ كلُّ محبوب
يا «عبْد» حتَّام لا ألْقاكِ خالية ً … ولا أنامُ لقدْ طوَّلْت تعْذيبي
أهْديْتِ لي الطِّيبَ في ريْحانِ ساحرة ٍ … يا «عبْدَ» ريقُكِ أشْهى لي من الطِّيب
أهْدي لنا شرْبة ً منْهُ نعيشُ بها … إنْ كنتِ مهدية ً روحاً لمكروبِ
إنَّ البغيض إلينا لا نطالبهُ … ذاك الهوى وحبيبٌ كلُّ مطلوب
أمَّا النساءُ فإنِّي لا أعيجُ بها … قد صمتُ عنها بنحبٍ منكِ منحوب
أنْتِ التي تشْتفي عيْني برُؤْيتها … وهُنَّ عنْدي كماءٍ غيْر مشرُوب
وفي المحبِّين صبٌّ لا شفاءَ لهُ … دون الرِّضى بين مرشوفٍ ومصبوب
إني وإِنْ كُنْتُ حمَّالاً أُجاورُهُ … صرَّامَ حبلِ التَّمنِّي بالأكاذيب
لا يخْرُجُ الْحَمْدُ مِنِّي قَبْلَ تجْربة ٍ … ولا أكونُ أجاجاً بعد تجريبِ