يا حسنها حين تجلت على – جبران خليل جبران
يا حسنها حين تجلت على … عبادها في عزة لا ترام
بين نجيمات بدت حولها … لها رفيف القطارت السجام
تسقي عيون الناس شبه الندى … من نورها الصافي فتشفي الأوام
كأنما الزهراء ما بينها … مليكة في موكب ذي نظام
والقوم جاثون لدى حسنها … سجود حب صادق واحتشام
مطهروا الايمان من شبهة … منزهو الصبوة عن كل ذام
لا كافر منهم ولا ملحد … ولا جحود خافر للذمام
ما أكرم الدين على أهله … إذا التقى فيه التقى والهيام
وكان منهم رجل يعتلي … منصة نصت له من أمام
شاعرهم وهو لسان الهدى … بينهم وهو عليهم إمام
يسمعهم من وحيه منشدا … شعرا له في النفس فعل المدام
فقال منهم رجل صالح … ثار به الشوق وجد الغرام
يا شاعر الوحي ونور التقى … ألا لقاء قبل يوم الحمام
قد برح الوجد بأكبادنا … حتى استطلنا العمر دون المرام
نهفو إلى الزهراء شوقا فإن … جفت جفانا صفونا والسلام
لقد تقضى خير ايامنا … ونحن نرجو ورضها حرام
إذا اتى الليل سهرنا لها … بأعين مفتونة لا تنام
وإن أتى الصبح دعونا با … يخفى وشيكا ويعودا لظلام
ألم يحن والعهد قد طال أن … تنجز وعد الملهمين الكرم
فتتراءى بشرا مثلنا … وتتولى ملكها في النام
فرفع الشاعر أبصاره … إلى العلى ثم جثا ثم قام
واستنزل الوحي فخطت له … آية نور فتولى الكلام
وقال منقرب منكم لها … عدة شهرين وصلى وصام
ابصرها إنسية تنجلي … في المعبد الكبر يوم الختام
فانصرف القوم وباتوا وهم … بما به الشاعر اوصى قيام
يرتقبون الموعدالمرتجى … لذلك الأمر العجاب الجسام
حتى إذا وقت التجلي أتى … وضاق بالأشهاد رحب المقام
وانتشر القوم صغار البنى … بين سواريه الطوال الضخام
وأوشكت اثبت اركانه … تميد مما اشتد فيه الزحام
دوت زواياه بإنشادهم … وعقد التبخير شبه الغمام
وشحب النور كأن قد عرا … من غيره شمس الأصيل السقام
فلاح برق خاطف بغتة … وانشق ستر عن مثال مقام
عن غادةم اثلة بالجسم في … أبدع رسم للجمال التمام
منحوتة في الصخر لكنها … تكاد تحيي باليات العظام
لا روح فيها غير غيماضة … من جانب الإعجاز فيها تشام
لحاظها ترمي سهام الهوى … ووجهها ينشر آي السلام
وصدرها أفق بدا كوكب … فيه كأن النور منه اتبسام
تلك هي الزهراء لاحت لهم … والكوكب البادي عليها وسام