يا ابن لبنان عد إلى لبنان ط – جبران خليل جبران
يا ابن لبنان عد إلى لبنان ط … نازلا منه في اعز مكان
مصر تهدي إليه من هو أهداه … غليها تهادي الخصان
ليس بدعا وفي القلوب صفاء … ما يرى من تفارض الجيران
ساء هجرانك الرفاق ولكن … ليس بين القطرين من هجران
فتيمم تلك الربى والق من منحضهم … ودنا من الإخوان
واستزدهم ما تستزاد قواهم … من تبار في حبها وتفان
لا يكن بينكم لخدمتها غير … الوفي السميذع المعوان
فزعت أمة إليك فنب عنها … وقرب لها بعيد الماني
وأبتغ الخير ما استطعت سبيلا … واحم ذاك الحمى من العدوان
وتوخ الرأي السديد على ما … دون تسديده الضمي يعاني
ذاك حوض فداه كل نفيس … فافده بالفؤاد قبل اللسان
كافح الخصم دونه وادرإ الباطل … عنه بقوة البرهان
رب قول يصاغ من ذوب قلب … صهرته حرارة الإيمان
لست أوصيك كيف يوصي حكيم … وله دان ذانك الأصغران
يا طبيب الأبدان تهنيء من أرشدت … أو عدت صحة الأبدان
يا خطيبا يقوم الدهر منادا … ويثني شكيمة الحدثان
يا أديبا إلى النفوس يؤدي … بأرق الألفاظ أخفى المعاني
يا صديقا حرمان أصحابه الانس … بلقياه غاية الحرمان
كان للنأي في النفوس انقباض … بسطته يد لهذا الزمان
كل قاص دنا بما أبدع العلم … إلى أن تلامس القطبان
واستطاع الناؤون بينهما أن … يتلاقوا تلاقي الطفان
اغلي البعد في المسافة إلا … من جنان وقد نبا بجنان
سر تسايرك للعناية عين … ملئت من رعاية وحنان
فإذا ما تيت بيروت واستشرفت … آيات حسنها الفتان
في جنان لعلها الصورة الصغرى … تراءت لخالدات الجنان
فتفقد سفحا فخورا تووارى … تحت حان من سرحه شاعران
لاحق بعد سابق وهما في السن … تربان والحجى ندان
كابدا في الحياة ما كابداه … واستقرا بدنيهما الرمسان
حي إلياس حي طنيوس حيث … اللمعيان في الثرى جاران
وابتعث خافقيهما من سكون … بعد صوت دوى به الخافقان
ثم روحهاما بنافحة من … روض مصر زكية الأردان
قل وحق الوفاء لسنا بسالين … وما وحشة سوى السلوان
شد ما نحن واجدون من التبريح … هل مثل وجدنا تجدان
أبقلبيكما من الشوق باق … فاشفياه بدمعنا الهتان
يا نقولا عش للفصاحة والشعر … وللعلم والحجى والبيان
لا حرمنا أنوار مرقمك الهادي … وأنغام صوتك الرنان