يابن الوزيرين سمعاً من أخي طَلَبٍ – ابن الرومي
يابن الوزيرين سمعاً من أخي طَلَبٍ … بين الرجاء وبين اليأس مكدودِ
لا تبخلنَّ على منْ لستَ كافيهُ … بأن تقولتزحزحْ غير مطرودِ
فإن خشيتَ هجائي فاخشَ حينئذٍ … من كلِّ شيء محالِ الكونِ مفقودِ
واللَّهلا قلتُ فيكم ماأكيدُ به … نفسي وكنتُ في سِربَال محسودِ
ولا أفضتُ بحرفٍ في مَلامكُمُ … يا آل وهبٍطوال البيضِ والسّودِ
إنّي لأعلَمُ أنِّي لا أفُوتُكُمُ … على مطايا سُليمان بن داودِ
ولو أمنتُكُم أمني يَدي وفمي … لما نَشدتُمْ وفائي غيرَ مَوجودِ
لكمْ على منطقي سلطانُ مُرْتَقبٍ … أضحى يؤيِّدُهُ سلطان مودود
فما وفائي بِمدخولٍ لكم أبداً … لكنَّه كَوفَاءِ العِرقِ لِلعُودِ
سدَّ السَّدَادُ فمي عَمَّا يُريبُكُمُ … لكنْ فمُ الحالِ مني غيرُ مسدودِ
وفي ضميريَ نُصحٌ لستُ أُغْمدُهُ … عنكُمْوما نُصحُ ذي نُصح بمغْمُودِ
حَالي تَصيحُ بما أوليتُ مُعْلنَة ً … وكلُّ ما تدَّعيه غيرُ مَردودِ
وقصَّتي معكمْ نارٌ على علمٍ … لا فطنة ٌ بطَنَتْ في قلب جُلْمُودِ
فكيفَ يخفى وأُخفي ما جرى لكُمُ … عليَّ من طول ظلمٍ غير معدودِ
وألسُنُ الناس شتَّى لستُ أملكُها … إذا رأَوا مُحسناً في حال مَصْفودِ
من يْبذُلُ العُذْرَ في مثْلي لمثْلِكُمُ … أو يذخَرُ النُّصحَ عن لهْفَانَ مجهودِ
بلْ من يرى فَضلَ مسكين على مَلكٍ … فلا يقولُ مقالاً غيرَ محمودِ
كم آنفٍ لكُمْ من أن تُرى مِدحي … منقُودة ًوجَدَاك غير منقودِ
كُلِّي هجاءوقتلي لا يَحلُّ لكمْ … فما يُداويكمُ منِّي سوى الجُودِ
ورُبَّ ذَمٍّ أتى من غَيرِ مُجتَرمٍ … ورُبَّ قَذْفٍ جرى من غير مَحدودِ
صَدَقْتُكُمُوجوابُ الصَّدقْ يَلزَمُكُمْ … وما جوابُ أخي صدقٍ بمردودِ
فأحسنوا بي كإحسان الإله بكمْ … مُلِّيتُمُ حظَّ محقوقٍ ومجدودِ
أجدُّوا جدّاً غير منكودٍ لأشكره … أو صرِّحوا لي بيأسٍ غير منكودِ
وبينوا لي أمري إنني معكمْ … في سرمدٍ من ظلام الشكِّ ممدودِ
وما انصرافي عنكم إن حرمتُكُمُ … إلا انصرافُ شَقيٍّ غير مَسعودِ
مُدَفَّعٍ حين يغشى الناسَ مجتنبٍ … مُخَيَّبٍ حين يبغي الخيرَ محدودِ
ومن قبلتُمْ فمقبولٌ لكمْ أبداً … ومنْ أبيتُمْ فبلوٌ غيرُ معهودِ
إنْ كانْ حيّاً أباهُ كلُّ مضطربٍ … أو كان ميتاً أباهُ كلُّ ملحودِ
لكنَّ في اليأس لي عَفواً وعافية … واليأسُ رفدٌ لِعافٍ غير مرفودِ
بل ليس في البأس خيرٌ أو يزيِّنَهُ … في عين طالب خيرٍ مطلُ موعودُ
بل لا أغرُّكَ من خِيمي ولا شيمي … أني لجلدٌ صبورٌ غير مهدودِ
قل ماتشاء فإني منهُ معتصمٌ … بمُدمجٍ من حبال العزِّ ممسودِ
لا والذي قدمتْ عندي صنائعه … لابِتُّ إلاَّ على صبرٍ ومجلودِ
ما أنتَ رزقي ولا عمري وعافيتي … فاجهد بصرمكَإني غيرُ معمودِ
منْ رَدَّني غير مصفودٍ فإنّ له … عندي عفافاً وعزماً غيرَ مصفودِ
في راحة اليأس لي من بُغيتي عوضٌ … وحسبيَ اللَّهُ مَدعَى كلِّ منجودِ
لنْ أرى اليأس نعياً حين يُؤيسُنِي … من سَيب كفِّك بل بشرى بمولودِ
ولستُ أوَّلَ صادٍ صدَّهُ قدرٌ … فّذيد عن ورد صافي الماء مورودِ
وقَبلَ برِّك بي ما بَرِّني ملكٌ … لا تملكونَ عليه حَلَّ معقودِ
مازال يضمنُ رزقي منذ أنشأني … بفضله وهو حَيٌّ غير مأمودِ
هذا على أنَّ سُخطي لا يُخلِّفُني … عن مشهدٍ من مآل الخير مشهودِ
وما أحارُ على أنِّي تُحيَّرني … أطباقُ ليل كثيف السُّد مَنضودِ
أشياءُ منك تحرَّاني لتُورطني … والحزم يعدل بي عن كل أخدودِ
مُشِّككاتٌ تعنِّيني وتتعبني … ما زالَ دائيَ منها داءَ مفئودِ
منعٌ ومنحٌ وإصغارٌ وتكرمة ٌ … وشَدُّ عَقد وطوراً نقضُ مشدودِ
فإنَّما أنا في لبسٍ وذبذبة ٍ … وخوف جانٍ بمُرِّ النَّقْم مرصودِ
حتى كأني وما أسلفُت سيِّئة ً … مُطالبٌ تحت حقدٍ منك محقودِ