وجودك حيى الملك والدين والدنيا – لسان الدين الخطيب
وجودك حيى الملك والدين والدنيا … وجودك أحيا المجد والسيرة العليا
وجدك أولى الأمن واليمن والهدى … وجدك جلى الخطب والموئد الدهيا
لك الله من ملك سعيد زمانه … تكنفتنا عدلا وأوسعتنا رعيا
إذا ألمت أو أملتك عصابة … تواسي الذي استجدى وتأسو الذي أعيا
ألم تر أن الدهر أذعن طائعا … لما شئت لا يعصيك أمرا ولا نهيا
فقابل عيد مقبل لك بالمنى … وطالع سعد حاكم لك بالبقيا
وداع دعا حي على بيعة الرضا … فإنجاز وعد أالله أصبح مأتيا
هلموا إلى تقبيل راحة يوسف … فمن وجهه البشرى ومن كفه السقيا
ألا الرحمن نصر نبيه … فحيا تحيات العلا ذلك الحيا
همام أجد الدين بعد اختلافه … وألبسه من عدل أيامه وشيا
وفرق بين الحق والشك إذ جرى … على سنن الفاروق في هديه جريا
فمن نوره الأرجاء باهرة السنا … ومن ذكره الأفواه عاطرة الريا
أهاب فلبى الفتح داعيه إذ دعا … وأصرخه النصر المؤزر إذ أيا
هو السحب جودا والكواكب همة … وبدر الدجى وجها وشمس الضحى رأيا
فلو راع صرف الدهر يوما بجيشه … لأصبح نسيا آخر الدهر منسيا
من القوم شادوا الدين بدءا ودافعوا … بأسيافهم عن ركنه الوهن والوهيا
من القوم جادوا بالنفوس كأنما … يسقون في ورد الردى الشهد والأريا
من القوم آووا خاتم الرسل أحمدا … وهم عضدوا التنزيل والحق والوحيا
بدور لسار أو بحور لسائل … فمن تلق منهم تلق أروع بدريا
فمن أدهم أضفى عليه مسجيا … رداء كلون البرس ألحف زنجيا
ومن أشقر كالبرق يستبق الصبا … ومن أشهب يفري أديم الدجى فريا
ومن أحمر تحت العجاج كأنه … سنا شفق يلتاح في الليلة الدجيا
ومن أشعل رش النجيع احمراره … وقد سامت الهيجاء مرجلها غليا
وأصفر حلاه الأصيل نضاره … ووشى بنيل النيل أعرافه وشيا
عراب كما تنصاع قتم كواسر … إذا استعجلوها من مرابطها العليا
حرام عليها أن يفوت قنيصها … ولو أنها تبغي الفراقد والجديا
ولا يحملون النار عن ثقة بها … سنابكها تستحضر الزند والوريا
حشاياهم عند الكرى صهواتها … فأحلامهم بالسبي صادقة الرؤيا
ألا في سبيل الله سيرتك التي … ينادي بها الإيمان حي هلا حيا
تجليت للدنيا فأشرق نورها … وقد كان وجه الدهر ذا مقلة عميا
فكم نصرة لله جهرا قضيتها … وكم نعمة غماء قضيتها خفيا
وكم كربة جليت داج ظلامها … وداع لنصر الله لم تره الأيا
وكم وثقت بالنصر منك كتيبة … بعثت بها لا تعرف الجهد والونيا
تدوخ أقطار العدو بعدوها … وتقهرهم قتلا وترهقهم خزيا
فلم تبق إلا من حمتها جفونها … أو الشنب المعسول والشفة اللميا
وأهيف ساجي المقلتين إذا انتهى … تثنى لنا غصنا ولا حظنا ظبيا
جرت سانحات بيننا وبوارحا … فكانت لنا غنما وكانت لهم نعيا
فيا حلم الملك الذي عم عدله … جميع الورى إن أشكل النص والفتيا
ومن قوله فصل ومن فعله هدى … ومن ملكه رشد به أذهب الغيا
لمعنى حباك الله بالملك ناشئا … أهل العلم في المهد مهديا
ودونكها يصبو الحليم لحسنها … وتسبي عقول السامعين لها سبيا
تصير حر الشعر عبدا وإن يكن … محل من الإبداع غايته القصيا
تجرر ذيل الزهو عند جريره … وطائيه تطوي وتكند كنديا
ويهتز عطف الملك عند سماعها … كهزة كفيك الجسام اليمانيا
نتيجة قلب ممحض لك وده … تبيد الليالي وهي باقية تحيا
فلا زلت يا أقصى الملوك مآثرا … وأمضاهم في الله أبيض هنديا
رضاك لرضوان الإله مبلغ … وحبك ذخر في الممات وفي المحيا