وجدتُ أبا عبد الإلهِ خليفة ً – ابن الرومي
وجدتُ أبا عبد الإلهِ خليفة ً … لصاحبهِ إسحاقَ بعد وفاتِهِ
كفاني وأغناني فلستُ بفاقدٍ … لعمرُك من إسحاق غير حياتِهِ
فيا لكَ من ذُخْرِ امرىء ٍ لزمانه … مُعَفٍّ على ما كان من نكباتِهِ
حباني به إسحاقُ خيرَ بقية ٍ … يُخلّفها المفقودُ من بركاتِهِ
وما كان إلا الغيثَ أحيا بقَطْرِهِ … وولى فأحيا بعده بنباتِهِ
فلا يَبْعِد الماضي وعُمِّر بعده … خليفتُهُ من بعده لعُفاتِهِ
فتى ً كلُّ علمٍ فهو في سَكناتِهِ … وكلُّ ذكاء فهو في حركاتِهِ
يُعبِّس والإنصافُ تحت عبوسه … ويضحك والإيناس في ضحكاتِهِ
نَهوضٌ بأعباء الكتابة مُرْفِقٌ … رعيَّتَهُ مستظهرٌ لرُعاتهِ
ترى كلّ نفسٍ رِيَّها وشفاءَها … إذا رُوِّيت أقلامُه من دواتهِ
تنال بأنبوبِ البراعة كفُّهُ … ذُرا ما تَعاطى فارسٌ بقناتهِ
ومن كان فرداً في عظيم غَنائهِ … عن الملك لم يَصْغُر صغيرُ أداتهِ
جبى الفيْء للسلطان والفيء فاغتدى … له الرتبة ُ العلياءُ فوق جُباتهِ
رآه أبو العباس أَقومَ قائمٍ … بأعماله عند امتحانِ كُفاتِهِ
وألفى لديه عِفة ً وأمانة ً … وإحداهما يكفي امرأً من ثِقاتِهِ
أراني إذا حاولتُ وصفَ جلالهِ … أو الشكرَ عما كان من فَعلاتِهِ
تشاغلتُ عن شكري له بصفاتهِ … وأذهلني شكري له عن صِفاتهِ
فقصَّرتُ في الأمرين والقلب مُضمِرٌ … مودتَهُ في مستقرِّ ثباتِهِ
ولو طال مدحي فيه وانكدَّ لم تجز … إطالتي المكتوبَ من حسناتِهِ
ولولا اتِّقائي للتعدِّي زَعمتُهُ … أخا الدهر لا يُغضي إلى أُخرياتِهِ
وما زال يعلُو قدرُهُ قدرَ مدحهِ … وأين مَنالُ الشعرِ من درجاتِهِ