وبلدة ٍ فيها زَوَرْ، – أبو نواس

وبـلـدة ٍ فـيـهـا زَوَرْ، … صـعــراءَ تـخطي في صَـعَـرْ

مرْتٍ، إذا الذئْبُ اقتَفَرْ … بها من القوْمِ الأثَرْ

كان له من الْجُزُرْ، … كلّ جنينٍ ما اشتكَرْ

ولا تَـعَـلاّهُ شَـعَـــرْ … ميْتُ النَّسا، حيّ الشَّفَرْ

عسَفْـتُهـا عـلى فـَـطَـرْ ، … يـهـزّهُ جِــنّ الأشَــرْ

لا مُـتَشَــكٍّ مـن سَــدَرْ، … ولا قــريـبٌ مـنْ خَــوَرْ

كأنّهُ بعد الضُّمُرْ، … وبـعـدَ مـا جـالَ الضُّـفُــرْ

وراحَ فَـيْءٌ فَـحَـسَــرْ، … جأتَ رُبَاعِ الْمُثّغَرْ

يحْـدو بحُقْـبٍ كـالأكَــرْ ، … تَــرى بـأثْـبَــاجِ القُـصُـرْ

منهـنّ تـوْشـيمَ الجُــدَرْ ، … رَعَيْنَ أبْكارَ الْخُضَرْ

شـهْـرَيْ ربيـعٍ وصـفــرْ ، … حتى إذا الفحْـلُ جَـفَــرْ

وأَشْـبَــهَ السّـفْـيُ الإبَــرْ ، … ونشّ إذْخــارُ النُّـقَــرْ

قلْنَ له ما تأتمِرْ، … وهـنّ إذْ قُـلْـنَ أشِــــــرْ

غير عَواصٍ ما أمَرْ، … كأنّها لمنْ نَظَرْ

وَكـبٌ يَـشيـمـون مـطَــرْ، … حتى إذا الـظلّ قـصُــرْ

يـمّـمْـنَ من جنْبَـي هَـجَــرْ … أخضرَ، طمّامَ العكرْ

وبين إخْفاقِ القَترْ … سارٍ، وليسَ للسمَرْ

ولا تِلاواتِ السوَرْ … يمْـسَـحُ مشـرْنَــانـاً يُـسُـرْ

زُمّـتْ يـمشـزورِ الـمِــرَرْ … لامٍ كحلْقُومِ النَّغَرْ

حتى إذا اصْــطَـفّ السَّـطَرْ … أهْدى لهَا لوْ لمْ يُجرْ

دهْـيـاءَ يحْـدوهـا الـقـــــدَرْ ، … فـتـلك عيْـني لم تــذرْ

شِبْهاً، إذا الآلُ مَهرْ، … إلـيْـكَ كـلّـفْـنـا الـسّـفَــرْ

خــوصـاً يـجـاذين النُّـخَـرْ، … قـد انـطـوَتْ منهـا السُّـررْ

طيَّ القراريّ الحِبَرْ، … لـم تَـتَـقَـعّـدْهـا الــطِّـيـَـــرْ

ولا السنيـحُ المـزْدَجَـرْ ، … يـافـضــلُ للقـوْم الـبُــطُـرْ

إذ ليس في الناس عَصَرْ، … ولا من الــخــوْفِ وَزَرْ

ونــزلتْ إحــدى الكُــبَـرْ، … وقِيلَ صمّاءُ الغِيَرْ

فالناسُ أبناءُ الحذَرْ، … فــرّجْـت هـاتيـكَ الغُــمَـرْ

عنّـا ، وقـد صــابـتْ بِـقُـرْ ، … كالشمس في شخص بشَرْ

أعْلى مجاريكَ الخطَرْ، … أبوكَ جَلّى عن مُضَرْ

قامَ كريماً فانْتَصَرْ … و الخــوْفُ يقْــري ويــذَرْ

لـمـا رأى الأمـرَ الـذًّكــرْ، … مـاحسّ من شيءٍ هـبَـــرْ

وأنْتَ تَقْتافُ الأثَرْ … مـن ذي حُـجــولٍ وغُـــرَرْ

مُعيدُ وِرْدٍ وصَدَرْ، … وإنْ عَلا الأمرَ اقتدَرْ

فـايْنَ أصْـحابُ الغُـمــرْ ، … إذ شَرِبوا كأس المِقَرْ

أصْـحَـرْتَ إذ دبّـوا الخَـمـرْ … شـكــراً ، وحرٌّ من شـكــرْ

فالله يُعْطِيكَ الشّبرْ، … وفي أعاديكَ الظّفَرْ

والـلـهُ من شــاء نـصَــرْ ، … وأنتَ إن خفْـنـا الحَصَــرْ

وهــرّ دَهْـرٌ وكَـشَــرْ … عن نـاجِــذَيْـهْ ، وبَــسَــــرْ

أغـنيـتَ مــا أغـنـى المــطرْ … وفيكَ أخلاقُ اليَسَرْ

حتى ترَى تلكَ الزُّمَرْ … تـهْـوي لأذقــــانِ الثّغــــرْ

من جذْبِ ألوَى لو نترْ … إليـهِ طــوداً لا نــأطَـــرْ

صعْباً، إذا لاقى أبَرْ، … وإن هـفـا الـقـوْمُ وقـــرْ

أو رهبوا الأمْرَ جَسَرْ، … ثمّ تسَامَى فَفَغَرْ

عن شِقشِقٍ ثمّ هدَرْ، … ثمّ تَجَافَى فَخَطَرْ

بذي سِبيبٍ وعُذْر، … يـمـصَـعُ أطــرافَ الإبَـرْ

هل لك، والْهَلُّ خِيَرْ، … فـيمـنْ إذا غِـبْتَ حَـضَـرْ

أو نالك القومُ أثَرْ، … وإن رأى خـيـراً نَــشَـــرْ