هل عند عينيك على غربِ – مهيار الديلمي

هل عند عينيك على غربِ … غرامة ٌ بالعرض الخلبِ

نعمْ . دموعٌ يكتسى تربهُ … منها قميصَ البلدِ المعشبِ

ساربة ٌ تركبُ أردافها … معلقاتٌ بعدُ لم تسربِ

ترضى بهنّ الدارُ سقياً وإن … قال لها نوءُ السماكِ اغضبني

علامة أنيَ لم أنتكثْ … مرائرَ العهدِِ ولم أقضبِ

يا سائقَ الأظعانِ لا صاغرا … عجْ عوجة ً ثمّ استقم واذهبِ

دعِ المطايا تلتفتْ إنها … تلوبُ من جفني على مشربِ

لا والذي إن شاء لم أعتذرْ … في حبه من حيث لم أذنبِ

ما حدرتْ ريحُ الصبا بعده … لثامها عن نفسٍ طيبِ

و لا حلا البذلُ ولا المنعُ لي … مذهوَ لم يرضَ ولم يغضبِ

كم لي على البيضاء من دعوة ٍ … لولا اصطخابُ الحلي لم تحجبِ

و حاجة ٍ لولا بقياتها … في النفس لم أطربْ ولم أرغبِ

يا ماطلي بالدين ما ساءني … إليك تريدُ المواعيدِ بي

إن كنتَ تقضي ثمّ لا نلتقي … فدم على المطلِ وعد واكذبِ

سال دمي يومَ الحمى من يدٍ … لولا دمُ العشاقِ لم تخضبِ

نبلُ رماة ِ الحيّ مطرورة ً … أرفقُ بي من أعينِ الربربِ

يا عاذلي قد جاءك الحزمُ بي … أقادُ فاركبنيَ أو فاجنبِ

قد سدّ شيبي ثغري في الهوى … فكيف قصى أثرَ المهربِ

أفلحَ إلا قانصٌ غادة ً … مدّ بحبلِ الشعرِ الأشيبِ

ما لبناتِ العشرِ والعشرِ في … جدّ بني الخمسين من ملعبِ

شياتُ أفراسِ الهوى كلها … تحمدُ فيهنَّ سوى الأشهب

أما تريني ضاوياًً عارياً … من ورقِ المتلحفِ المخصبِ

محتجزاً أندبُ من أمسى َ ال … ماضي أخاً ماتَ ولم يعقبِ

فلم يلثمْ ظبتيْ عاملي … ما حطمَ الساحبُ من أكعبي

يوعدني الدهرُ بغدراتهِ … قعقعْ لغير الليثِ أو هبهبِ

قد غمزتْ كفك في مروتي … فتحتَ أيَّ الغمزِ لم أصلبِ

أمفزعي أنتَ بفوت الغنى … تلك يدُالطالي على الأجربِ

دعّ ماءَ وجهي مالئاً حوضه … و كلّ سمينا نشبي واشربِ

إن أغلبِ الحظَّ فلي عزمة ٌ … بالنفس لم تقمرْ ولم تغلبِ

ذمَّ الأحاظي طالبٌ لم يجدْ … فكيف وجداني ولم أطلبِ

آه على المالِ وما يجتنى … منهُ لو أنّ المالَ لم يوهبِ

راخِ على الدنيا إذا عاسرتْ … و إن أتتْ مسمحة ً فاجذبِ

و لا تعسفْ كدَّ أخلافها … فربما درت ولم تعصبِ

هذا أوانُ استقبلتْ رشدها … بوقفة ِ المعتذرِ المعتبِ

و ارتجعتْ ما ضلَّ من حلمها … من بين سرحِ الذائدِ المغربِ

و ربما طالعَ وجهُ المنى … من شرفِ اليأسِ ولم يحسبِ

قل لذوي الحاجاتِ مطرودة ً … و ابنِ السبيل الضيقِ المذهبِ

و قاعدٍ يأكلُ من لحمهِ … تنزهاً عن خبثِ المكسبِ

قد رفعت في بابلٍ راية ٌ … للمجدِ من يلقَ بها يغلبِ

يصيحُ داعي النصرِ من تحتها … يا خيلَ محييُ الحسناتِ اركبي

جاء بها اللهُ على فترة ٍ … بأية ٍ من يرها يعجبِ

هاجمة ِ الإقبالِ لم تنتظرْ … بواسع الظنَّ ولم ترقبِ

لم تألفِ الأبصارُ من قبلها … أن تطلعَ الشمسُ من المغربِ

ردوا فقد زاركم البحرُ لم … يخض له الهولُ ولم يركبِ

يشفُّ للأعين عن درة َّ ال … ثمينِ صافي مائه الأعذبِ

فارتبعوا بعدَ مطالِ الحيا … و روضوا بعدَ الثرى المجدبِ

قد عادَ في طيءٍ ندى حاتمٍ … و قامَ كعبٌ سيدّ الأكعبِ

و عاش في غالبَ عمروُ العلا … يهشمُ في عامهم الملزبِ

و ارتجعتْ قحطانُ ما بزها … من ذي الكلاعِ الدهرُ أو حوشبِ

وردَّ بيتٌ في بني دارمٍ … زرارة ٌ من حولهِ محتبى

كلّ كريمٍ أو فتى ً كاملٍ … و فاعلٍ أو قائلٍ معربِ

فاليومَ شكُّ السمعِ قد زال في … أخباره بالمنظر الأقربِ

إلى الوزير اعترقتْ نيها … كلُّ أمونٍ وعرة ِ المجذبِ

تعطي الخشاشاتِ ليانا على … أنفٍ لها غضبانَ مستصعبِ

مجنونة ُ الحلم وما سفهتْ … بالسوط خرقاءُ ولم تجنبِ

ييأسُ فحلُ الشولِ من ضربها … لعزة ِ النفسِ ولم تكتبِ

لو وطئتْ شوكَ القنا نابتاً … في طرق العلياءِ لم تنقبِ

يخطُّ في الأرض لها منسمٌ … دامٍ متى يملِ السرى يكتبِ

كأنَّ حاذيها على قاردٍ … أحمشَ مسنونِ القرا أحقبِ

طامنَ في الرمل له قانصٌ … أعجفُ لم يحمض ولم يرطبِ

ذو وفضة ٍ يشهدُ إخلاقها … بأنها عامينِ لم تنكبِ

مهما تخللهُ بنياتها … من ودجٍ أو وركٍ يعطبِ

فمرَّ لم يعطفْ على عانة ٍ … ذعراً ولم يرأمْ على تولبِ

به خدوشٌ يتعجلنهُ … قدائمٌ من لاحقِ الأكلبِ

بأيّ حسًّ ريعَ خيلتْ له … رنة ُ قوسٍ أو شبا مخلبِ

يذرعُ أدراجَ الفيافي بها … كلُّ غريب الهمَّ والمطلبِ

يرمي بها ليلُ جمادى إلى … يومٍ من الجوزاءِ معصوصبِ

في عرض غبراءَ رياحية ٍ … عجماءَ لم تسمرَ ولم تنسبِ

يشكلُ مشهورُ الركايا بها … على مصانيف القطا اللغبِ

حتى أنيختْ وصدوعُ السرى … بالنومِ في الأجفانِ لم تشعبِ

و شملة ُ الظلماءِ مكفورة ٌ … تحت رداء القمرِ المذهبِ

إلى ظليلِ البيت رطبِ الثرى … عالي الأثافي حافلِ المحلبِ

مختضب الجفنة ِ ضخم القرى … إذا يدُ الجازرِ لم تخضبِ

ترفع بالمندلِ نيرانهُ … إذا إماءُ الحيَّ لم تحطبِ

له مجاويفُ عماقٌ إذا … ما القدر لم توسع ولم ترحبِ

كلّ ربوضٍ عنقها بارزٌ … مثلُ سنام الجملِ الأنصبِ

تعجلها زحمة ُ ضيفانهِ … أن تتأنى حظبَ الملهبِ

أبلج في كلّ دجى شبهة ٍ … لو سار فيها النجمُ لم تثقبِ

موقر النادي ضحوك الندى … يلقاك بالمرغب والمرهبِ

تلحظهُ الأبصارُ شزرا وإن … أكثرَ من أهلٍ ومن مرحبِ

مرٌّ وإن أجدتك أخلاقهُ … شمائلَ الصهباءِ لم تقطبِ

ينحطُّ عنه الناسُ من فضلهم … منحدرَ الردفِ عن المنكبِ

أتعبهُ تغليسهُ في العلا … من طلبَ الراحة َ فليتعبِ

من معشرٍ لم يهتبلْ عزهم … بغلطِ الحظَّ ولم يجلبِ

و لا علا ابنٌ منهمُ طالعا … من شرفٍ إلا وراءَ الأبِ

تسلقوا المجدَ وداسوا العلا … و طرقها يهماءُ لم تلحبِ

و وافقوا الأيام فاستنزلوا … أبطالها في مقنبٍ مقنبِ

قومٌ إذا أخلف عامُ الحيا … لم تختزلهم حيرة المسغبِ

أو بسطَ اللهُ ربيعا لهم … لم يبطروا في سعة ِ المخصبِ

سموا وأصبحتَ سماءً لهم … يطلعُ منها شرف المنسبِ

زدتَ وما انحطوا ولكنها … إضاءة ُ البدرِ على الكوكبِ

خلقتَ في الدنيا بلا مشبهٍ … أغربَ من عنقائها المغربِ

لا يجلسُ الحلمُ ولا يركبُ ال … خوفُ ولم تجلس ولم تركبِ

إن جنحَ الأعداء للسلم أو … تلاوذوا منك إلى مهربِ

كتبتَ لو قلتَ فقال العدا … أعزلُ لم يطعنْ ولم يضربِ

أو ركبوا البغي إلى غارة ٍ … طعنتَ حتى قيل لم يكتبِ

فأنت ملءُ العين والقلب ما … تشاءُ في الدستِ وفي الموكبِ

و ربَّ طاوٍ غلة ً بائتٍ … من جانب الشرّ على مرقبِ

ينظرُ من أيامه دولة ً … بقلم الأقدارِ لم تكتبِ

راعته من كيدك تحت الدجى … دبابة ٌ أدهى من العقربِ

فقام عنها باذلا بسلة َ ال … راقي ولم يرقَ ولم يسلبِ

بك اشتفى الفضلُ وأبناؤه … بعد عموم السقم المنصبِ

و التقم الملكُ هدى نهجهِ … و كان يمشي مشية الأنكبِ

وزارة ٌ قلبها شوقها … منك إلى حولها القلبِ

جاءتك لم توسعِ لها مرغبا … وليها المهرَ ولم تخطبِ

كم أجهضتْ قبلكَ من عدهم … لها شهورَ الحاملِ المقربِ

و ولدتْ وهي كأنْ لم تلدِ … أمٌّ إذا ما هي لم تنجبِ

قمتَ بمعناها وكم جالسٍ … تكفيه منها سمة ُ المنصبِ

و هي التي إن لم يقدْ رأسها … بمحصداتِ الصبر لم تصحبِ

مزلقة ٌ راكبُ سيسائها … راكبُ ظهرِ الأسدِ الأغلبِ

راحتْ على عطفك أثوابها … طاهرة َ المرفع والمسحبِ

فتحتَ في مبهمِ تدبيرها … تنفسَ البلجة ِ في الغيهبِ

و ارتجعتْ منك رجالاتها … كلَّ مطيلٍ في الندى مرغبِ

ردَّ بنو يحيى و سهيل لها … و الطاهريون بنو مصعبِ

فاضرب عليها بيتَ ثاوٍ بها … قبلك لم يعمدْ ولم يطنبِ

و استخدم الأقدارَ في ضبطها … و استشر الإقبالَ واستصحبِ

و امددْ على الدنيا وجهلاتها … ظلالَ حلمٍ لك لم يعزبِ

و اطلعُ على النيروزِ شمسا إذا … ساقَ الغروبُ الشمسَ لم تغربِ

تفضلُ ما كرَّ سني عمرهِ … بملء كفَّ الحاسبِ المطنبِ

يومٌ من الفرسِ أتى وافداً … فقالت العربُ له قربِ

بات من الإحسانِ في داركم … و هو غريبٌ غيرَ مستغربِ

لو شاء من ينسب لم يعزهُ … لغيركم عيدا ولم ينسبِ

و اسمع لمغلوب على حظه … لو أنك الناصرُ لم يغلبِ

موحدٍ لم يشكُ من دهره … و أهلهِ إلا إلى مذنبِ

أقصاه عند الناس إدلاؤه … من فضله بالنسب الأقربِ

لو قيض إنصافك قدما له … عزَّ فلم يقصَ ولم يقصبِ

عندك من برقي لماعة ٌ … سابقة ٌ تشهدُ للغيبِ

منثورها ذاك ومنظومها … هذا كلا الدرين لم يثقبِ

ما زلتُ أرجوك ومن آيتى … أنَّ رجائي فيك لم يكذبِ

لم يبقَ لي بعدك عتبٌ على … خظًّ ولا فقرٌ إلى مطلبِ

فاغرسْ ونوهْ منعما واصطنع … ترضَ مضاءَ الصارمِ المقضبِ

و غر على رقيَ من خاملٍ … لملكِ مثلي غيرِ مستوجبِ

كم أحمدتْ قبلكَ عنقي يدٌ … لكنها سامتْ ولم تضرب

و لدنة ِ الأعطافِ لم تعتسفْ … بالكلمِ المرَّ ولم تتعبِ

من الحلالِ العفوِ لم تستلبْ … بغارة ِ الشعرِ ولم تنهبِ

دمُ الكرى المهراقِ فيها على … سامعها إن هو لم يطربِ

جاءك معناها وألفاظها … في الحسنِ بالأسهلِ والأصعبِ

أفصحُ ما قيلَ ولكنها … فصاحة ٌ تهدى إلى يعربِ