هذه دارُهم وتلك رُباها – ابن شيخان السالمي
هذه دارُهم وتلك رُباها … ما على العين أن تفيض دماها
وقليل على الجباه إذا ما … حظيت باللقاء لَمُّ ثَراها
وأكفُّ الهَنا أدارتْ إلينا … أكؤُسَ الأُنس من دِنان صَباها
طال عهدي بها إلى أن عرتْني … هِزّةُ الاندهاش يوم لِقاها
يا ديارَ الأحباب كم لك فينا … أعينٌ لا تصيب منكِ كَراها
وقلوبٌ تقلبت في ضرام البُع … د لا تعجبوا إذا ما شَواها
قد جذبْتِ القلوبَ حُباً فأهوت … حيث أوقعتِها بنار لظاها
قد خلعنا ثوب الأسى اليوم عنَّا … وكستنا نعمى الديار رِداها
سادَتي إنني كتبت بدمعي … صُحُف الودّ والصفا مُقتضاها
لِمَ لَم تسمحوا بردّ جوابٍ … ونَداكم كلَّ الأراضي ملاها
لو نشرتم مني الحَشا لعلمتم … فيه كم من مودّة قد طواها
هذه مقلتي تسيل فبالله سلو … ها هل في سواكم بكاها
فزتم في حياتكم برَخاها … وغفلتم عن مهجتي وشَقاها
ثم هذي حشاشتي فتّشوها … تجدوا أنكم أصولُ بَلاها
من به رحمة لمهجة صبٍّ … طرحت بين يأسها ورَجاها
آه من لوعة الفراق وتعل … يل المعنىّ بقول آه وواها
يا شموساً لها بقلبي طلوع … مَلأ الخافقين ضوءُ سناها
إنَّ أشخاصكم بقلبي شهود … شغلته فكيف أبغي سواها
أقسم الكون بالذي جمع الحس … ن بكم أنَّ فضلكم لا يُباهى
حبكم فاض في الورى كأَيادي … فيصل لم يزل يفيض حياها
درة التاج غرة الوجه نجم الأف … ق بدر العلا وشمس ضحاها
فارس الخيل ضيغم الليل نار الح … رب سَعّارها وقطب رحاها
ملك يُنعِش القلوب لقاه … ما تجلّت غمّاءُ إلا جَلاَها
ملك يغمر الأكف نضاراً … ويفكّ الرقاب ممَّا ابتلاها
عالم ما يقي من الداء كم من … حكمة حاكها النهى وحكاها
ما أتته نفس بعلة فقر … لعلاج إلا أراها دَواها
إن أغب عنه أو أجئ لحماه … فأياديه لا تزال اتجاها
قال لي قائل رأيتك آذنْتَ … مسيراً عن سادة لا تضاهى
كيف تبغى توجهاً عن حماهم … وبهم قد لبست عِزّاً وجَاها
أنت في عزةٍ بهم تترقى … كل يوم من العلا في ذُراها
كنت في خدمةٍ لهم وصلاحٍ … تتلقّى إحسانها وقِرَاها
قلت ما سرت عنهم باختيار … ليس كل النفوس تُعطى مُناها
إنَّ لي صبيةً كأفراخ طيرٍ … طال فيَّ انتظارُها ورَجاها
سوف أرويهم بفضل ابن تركي … وعطايا أشباله أمواها
سادة قادة البرايا ملوك … طاب في المجد أرضها وسماها
أعطشتني الأيام فاستدركوني … بأيادٍ ينهلّ سَحّاً نَداها
يا حليفَ الحاجات بالله يمِّمْ … مسقط الغيث فالغنى في حماها
لا يزالون في كمال ولا زالت … مجاريهم يطول مَداها
حيث مرسى الأمان مرعى الأماني … مبلغ الآملين أقصى مُناها
حيث مهوى السجود ملجأ البرايا … حيث سلطانها المقيم علاها
نَحن تِهْنَا على الملوك افتخاراً … بابن تركي وإنَّ من تاه باهى
قد روى الدهر عنه أخبارَ صدق … في المعالي لله ما قد رواها
سمح الدهر بابن تركي فشكراً … لك يا دهر من جميل تناهى
إنَّ دهراً به ابن تركي لَدَهْرٌ … بلغت مكرُماتهُ منتهاهَا