هبْ من زمانكَ بعضَ الجدّ للعبِ – مهيار الديلمي

هبْ من زمانكَ بعضَ الجدّ للعبِ … و اهجرْ إلى راحة ٍ شيئاً من التعبِ

ما كلُّ ما فات من حظًّ بليتهُ … عجزٌ ولا كلُّ ما يأتي بمجتلبِ

لا تحسبِ الهمة َ العلياءَ موجبة ً … رزقاً على قسمة الأقدارِ لم يجبِ

لو كان أفضلُ منْ في الناس أسعدهم … ما انحطتِ الشمسُ عن عالٍ من الشهبِ

أو كان أسيرُ ما في الأفق أسلمهم … دام الهلالُ فلم يمحقْ ولم يغبِ

يا سائقَ الركبِ غربياً وراءك لي … قلبٌ إلى غير نجدٍ غيرُ منقلبِ

تلفتاً فخلال الضيقِ متسعٌ … و ربٌّ منجذبٍ في زيً مجتنبِ

قفْ ناديا آل بكر في بيوتكمُ … بيضاءُ يطربها في حسنها حربى

لما رأت أدمة ً نكراً وغائرة ً … شهباءَ راكضة ً في الدهم من قضبى

لوتْ وقد أضحكتْ رأسي الخطوبُ لها … وجهاً إلى الصدّ يبكيني ويضحك بي

لا تعجبي اليومَ من بيضائها نظراً … إلى سنيّ فمن سودائها عجبي

ما زلتُ علماً بأنَّ الهم محترمٌ … عمرَ الشبيبة ِ أبكيها ولم أشبِ

وسومُ شيبٍ فإن حققتِ ناظرة ً … فإنهنّ وسومٌ فيَّ للنوبِ

ترى نداماي ما بين الرضافة ِ فال … بيضاءِ راوين من خمرٍ ومن طربِ

أو عالمين وقد بدلتُ بعدهمُ … ما دارُ أنسى وما كأسي وما نشبي

فارقتهم فكأني ذاكراً لهمُ … نضوٌ تلاقت عليه عضتا قتبِ

سقى رضايَ عن الأيام بينهمُ … غيثٌ وبان عليها بعدهم غضبي

إذ نسكب الماءَ بغضاً للمزاج به … و نطعمُ الشهدَ إبقاءً على العنبِ

يمشي السقاة علينا بين منتظرٍ … بلوغَ كأسٍ ووثابٍ فمستلبِ

كأنما قولنا للبابلى أدر … حلاوة ً قولنا للمزيدي هبِ

فدى على جبانُ الكفَّ مقتصرٌ … من الفخار على الموروث بالنسبِ

يرى أبوه ولا ترضى مكارمه … الأرضُ صحت وأودى الداءُ بالعشبِ

و مشبعون من الدنيا وجارهمُ … بادى الطوى ضامرُ الجنبين بالسغبِ

قل للأمير ولو قلت السماءُ به … مفضوحة ُ الجودِ لم تظلمْ ولم تحبِ

أعطيتَ مالك حتى ربَّ حادثة ٍ … أردتَ فيها الذي تعطى فلم تصبِ

لو سمتَ نفسك أن ترتاضَ تجربة ً … بحفظ ذاتِ يدٍ يومين لم تطبِ

كأنّ مالكَ داءٌ أنت ضامنه … فما يصحك إلا علة ُ النشبِ

لو كان ينصفك العافون لاحتشموا … بعضَ السؤالِ فكفوا أيسرَ الطلبِ

يا بدرَ عوفٍ وعوفُ الشمسُ في أسدٍ … و أسدٌ شامة ٌ بيضاءُ في العربِ

أنتمْ أولو البأسِ والنعماءِ طارفة ٌ … أخباركم وعلى ً تلدٌ من الحقبِ

أحلى َ القديم حديثاً جاهليتكمْ … و قصُّ أسلافكم من رتبة الكتبِ

ما كنتمُ مذ جلا الإسلامُ صفحتهُ … إلا سيوفَ نبيًّ أو وصى َّ نبي

بكم بصفينَ سدَّ الدينُ مسكنهُ … و آلُ حربٍ له تحتال في الحربِ

و قام بالبصرة الايمانُ منتصباً … و الكفرُ في ضبة ٍ جاثٍ على الركب

حتى تقيلتها إرثاً وأفضلُ ما … نقلتَ دينك شرعاً عن أبٍ قأبِ

إذا رأيتَ نجيباً صحَّ مذهبهُ … فاقطع بخيرٍ على أبنائه النجبِ

لا ضاع بل لم يضعْ يومَ انتصرتَ به … و أنت كالوردِ والأعداءُ كالقربِ

و قد أتوكَ براياتٍ مكررة ٍ … لم تدر قبلك ما اسمُ الفرّ والهربِ

تمشي بهم ضمرٌ أدمى روادفها … غرورُ فرسانها بالفارسِ الذربِ

لما دعوتَ عليا بينهم ضمنتْ … لك الولاية َ فيهم ساعدُ العطبِ

حكت رؤسَ القنا فيه رؤسهمُ … حتى تموهتِ الأعناقُ بالعذبِ

و طامعٌ في معاليك ارتقى فهوى … و هل يصحُّ مكانُ الرأسِ للذنب

ما كان أحوجَ فضلا تمّ فيك إلى … عيبٍ بعوذه من أعين النوبِ

أحببتكم وبعيدٌ بين دوحتنا … فكنتُ بالحبَّ منكم أيَّ مقتربِ

و ودُّ سلمانَ أعطاه قرابتهُ … يوما ولم تغنِ قربى عن أبي لهبِ

و رفعَ الصونُ إلا عن مناقبكم … أسبابَ مدحيَ في شعري وفي خطبي

فما تراني أبوابُ الملوك مع ال … زحام فيها على الأموال والرتبِ

قناعة ٌ رغبتْ بي عن زيارة مس … دولِ الستورِ وعن تأميلِ محتجبِ

و لي عوائدُ جودٍ منك لو طرقت … تستامُ ملككَ لم تحرمْ ولم تخبِ

ملأتُ بالشكر قلبَ الحافظ الغزلِ ال … فؤادِ منها وأذنَ السامعِ الطربِ

فرأى ُ جودك في أمثالها لفتى … أتاك بالحرمتين الدينِ والأدبِ

و منْ توسلَ في أمرٍ فما سببٌ … إليك أوكدُ في الأمرين من سببي