نعم هذه حزوي وتلك زرود – الهبل

نعم هذه حزوي وتلك زرود … فهل ذلك العيش النضير يعود

وهل تقتضي فيها لبانات عاشق … وتذكر أيمان لنا وعهود

وهل لليال قد مضت ثم عودة … وهل لي من بعد الصدور ورود

وهل أجتني زهر اللقا من أحبتي … على حين أغصان الشباب تميد

وهل أبلغن ممن أحب على الهوى … ورغم النوى ما أشتهي وأريد

سقى الله أكناف العقيق سحائبا … يبيت عليها ودقهن يجود

ولله دهر قد مضى لي بالغضا … وعيش قضى بالرقمتين حميد

جنيت به روض المنى وهو يانع … وقد غاب عنا كاشح وحسود

وما أنس لا أنس الحمى فسقى الحمى … وأهليه صخاب الرعود ركود

يمثلهم شوقي لعيني وبيننا … جبال عوال أو مهامه بيد

هم نقضوا عهدي جهارا وعهدهم … لدي على طول البعاد أكيد

وغيداء أما جفنها فهو فاتر … ضعيف وأما قلبها فشديد

إذا أعلمت سود اللحاظ حسبتها … لدى الفتك أيقاظا وهن رقود

تكلفني فوق الذي بي من الهوى … على أن وجدي ما عليه مزيد

وتوعدني بالوصل سرا وكم لها … وعود مطال بعدهن وعود

فإياك من وعد الغواني بوصلها … فهن اللواتي وعدهن وعيد

خليلي هل تدنو الديار لمغرم … تمالت عليه أعين وقدود

أما قلتما لي إذ وقفنا على الحمى … نكرر تسال الربى ونعيد

أفق فبحزوي أو زرود خيامهم … أما هذه حزوى وتلك زرود

وأمركما لي بالتصبر ضلة … ألا إن أمرا رمتماه بعيد

ومن لي بالصبر الجميل وقد أتت … لقتلي من حشد الغرام جنود

وما تركت جهدا عزائم سلوتي … ولكن شيطان الغرام مريد

وإن كنت لا أستطيع صبرا على النوى … فإني على حمل الهوى لجليد

يقل اصطباري والغرام بحاله … ويبلى شبابي والغرام جديد

فليس كمثلي في المحبين مغرم … ولا مثل عز المكرمات مجيد

فتى ساد أبناء المكارم كلهم … وما الناس إلا سيد ومسود

فتى أقعدته كاهل المجد والعلى … جحاجح من أبناء أحمد صيد

غدا وزمام الدهر طوع يمينه … يصرفه أنا يشا ويريد

إذا ما داعي المطالب ماله … يلبيه منه طارف وتليد

فدع حاتما إن شيم بارق نائل … فما لأخي جود سواه وجود

وفارس عبد لو توهم بأسه … لذاب لو أن القلب منه حديد

أعز الهدى مر في الزمان بما تشا … فأنت لعمري في بنيه وحيد

تظن الكرام المجد ما يبتنونه … وليس سوى ما تبتني وتشيد

فكم من فخار أنت دون الورى له … نهضت وأبناء الزمان قعود

ومكرمة بكر بنيت أساسها … وهم عن بناء المكرمات رقود

ورب رفيع الذكر أخملت ذكره … فكل عميد مذ نشأت عميد

وأتعبت أهل السبق في حلبة العلى … بما رحت منها تبتدي وتعيد

وكم أظهرت أوصافك الغر للورى … براهين مجد ما لهن جحود

وكم نقصت للنيل يوما أصابع … وبحرك ما ازداد النوال يزيد

شمائل تزري بالصبا وبلاغة … وبأس يذيب الراسيات وجود

وما لست أحصي من فضائل جمة … غدت وهي في جيد الفخار عقود

على أقعدت عجزا سواك كأنها … جوامع في أعناقهم وقيود

وسمعا لها مصقولة اللفظ حلوة … يقصر عنها جرول ولبيد

إذا أنشدت حلت غراما حبى النهى … وكادت لها الشم الجبال تميد

أبثك شوقا لي إليك مضاعفا … لنيرانه بين الضلوع وقود

تحمل قلبي من فراقك لوعة … يقلقل رضوى بعضها ويؤود

فما طرق القلب الجريح لبعدكم … هدو ولا الطرف القريح هجود

وسل عن ودادي سر قلبك إنه … لعمري على ما أدعيه شهيد

عسى من قضى بالبين بيني وبينكم … يرد لنا ما قد مضى ويعيد

سقى الغيث ريا سوحك الرحب إنه … لجنة عدن لو يكون خلود

ولا زال معمور الفنا بك دائما … يحل به بعد الوفود وفود

وما دمت لا تخشى الليالي فإنما … طوالعها مهما بقيت سعود

فما لمخوف مع وجودك صولة … ولا لتصاريف الزمان طريد

وإنكم آل المطهر في الورى … جواهر والمجد المؤثل جيد