نصحتُ أبا بكر فردَّ نصيحتي – ابن الرومي

نصحتُ أبا بكر فردَّ نصيحتي … وقال صهٍ وجهُ المحرِّش أقبحُ

وحدثتُه عن أخته فصَدَقته … وأَمحضُ نصح الناصحين المصرَّحُ

فقال عّذيري منك شَيْخاً مكلَّفا … أنَبْخَلُ يا هذا وأختي تَسمَّحُ

لها أجرُها إن أحسنتْ فلنفسها … وميزانُها يومَ القيامة يرجَحُ

أتعجب من أنثى تناك بحقِّها … وهأنذا شيخٌ أُكَبُّ لإأُنكَحُ

فقلت له حسبي لها بك قدوة ً … أَقِلْني فإني إنما كنت أمزحُ

فذلك أغراه بهجري ولن ترى … زمانَك هذا تاجرَ النصح يربحُ

أيا بن حريثٍ لا تَهِدْك عَضيهَة ٌ … فإنك بالهُون الطويل موقَّحُ

وكن آمناً سير الهجاء فإنما … يسيِّره المرءُ المهجَّى الممدَّحُ

نباهة ُ أشعار الفتى وخمولُها … على حَسْبِ من تلقاه يهجو ويمدحُ

فإن قالها في نابهٍ حُمِلَتْ له … وإن قالها في خاملٍ فهي رُزَّحُ

تسير بسيْر اسم المقُولَة باسمه … فَتَسْنَحُ في الآفاق طوراً وتبرحُ

عجبت لِقيل الناس إنك أَقرنٌ … وأنت الأجَمُّ المُستضام المُنطحُ

فكيف تُباري بالقرون وطولها … ولستَ تُرَى عن نعجة لك تَنطحُ

تعرضتَ لي جهلاً فلما عَجمتني … تكشَّف عنك الجهلُ والليل يُصْبَحُ

وما كنتَ ثعلباً بتَنوفة … اتُيحت له صقعاءُ في الجو تَلمحُ

تَصُفُّ له طوراً وتقبضُ تارة ً … إذا ما أفاءت فوقه ظل يَضْبَحُ

فلمَّا تعالت في السماء فحلّقت … وأمكنَها والأرض دَرْماءُ صَرْدَحُ

تدلَّت عليه من مدى مُسْتَقَلِّها … وبينهما خَرْقٌ من اللوح أفيحُ

برِزٍّ تُصيخُ الطير منه مخافة … فهن مُصِفَّاتٌ إلى الأرض جُنّحُ

وكم قَائلٍ لَمَّا هجوتك غيرة ً … أمالك في أعراضنا مُتَنَدَّحُ