نحن عن شمس أمره كالشعاع – عبدالغني النابلسي

نحن عن شمس أمره كالشعاع … بافتراق في سرعة واجتماع

يتجلى بنا فنعرف منه … ما عرفنا منا بغير نزاع

وهو في أكمل الدنو إلينا … وهو عنا في غاية الارتفاع

قربنا منه كلما كان شبرا … كان قرب منه لنا كذراع

ثم قرب الذراع إن كان منا … فلنا منه كان قرب الباع

هكذا أخبر المبلغ عنه … بانكشاف من وحيه واطلاع

يا بني قومنا السراة إليه … بنفوس إلى لقاه جياع

وعيون إذا الظلام أتاها … شخصت نحو برقه اللماع

ههنا مغرم به قذفته … عنه أشواقه لخير بقاع

بقعة النفس فهو دار حبيب القلب … مفروشة بحسن الطباع

فرأى الباب مقفلا فأتاه الفتح … منه بالذل والاتضاع

ومشى عنه فيه يقصد ذاتا … هي ملء العيون والأسماع

فتعالت عليه حتى تدانى … سامعا من جهاتها صوت داع

وبها خاض دونها بحر نور … ما له ساحل بغير شراع

وسطا سطوة الشجاع وهل يقتحم … المعركات غير الشجاع

ثم أضحى من بعد ذاك وهذا … مثل ما كان أسر أمر مطاع

فهو ما تطلبونه وهو أيضا … ما تركتم له حذار خداع

عظم الأمر ثم زاد التباسا … عند من لم يكن عن الحق واعي

فانقلوا قصة المحبة عني … يا نداماي وافهموا أوضاعي

هو هذا فأين أهل الترائي … وتغنى فأين أهل السماع

صبغة الله بالوجود أجادت … صنعة الابتداع والاختراع

هو شراب وما سواه سراب … شربه للشفا من الأوجاع

خص قوما به وباعد قوما … ليس يوم اللقا كيوم الوداع