ناد القبور وبشر كل مقبور – أحمد محرم
ناد القبور وبشر كل مقبور … حم النشور وحانت نفخة الصور
قل للمشارق كر الدهر كرته … وهب للثأر فيه كل موتور
ضمي الجراح وقومي غير هائبة … فلن يروعك ذو ضغن بمحذور
إن تنهضي اليوم يفزع كل مرتبئ … وينتفض كل ذي ناب وأظفور
هي الحياة فخوضي النقع واقتحمي … أهوال كل مروع الساح مذعور
جنت نواحيه مما أحدثت أمم … تنثال من جازر يطغى ومجزور
من الأناسي إلا أنها مردت … فالجن تنظر من ساه ومسحور
القوة الحكم لا عدل بمتبع … في الحاكمين ولا ظلم بمحظور
شريعة السيف يمضيها جبابرة … من كل مستهزئ بالله مغرور
أما ترى الدم يجري في مخالبهم … على الشرائع يمحو كل مسطور
ضج الحريب فقالوا هزه الرب … وهاجه العهد من علم ومن نور
ويح العقول رمينا من غباوتها … بدولة من بقايا الوهم والزور
النعش يغدو عليه كل مغتبط … والقبر يمرح فيه كل مسرور
هي الحضارة تجلو كل ملتبس … من الأمور وتبدي كل مستور
الحق من ترهات الصائحين به … والعدل فيما ترى آمال مقهور
والعذر للفاتك العادي فإن جزعت … نفس المروع أمسى غير معذور
والنفي والقتل والتعذيب مرحمة … مأثورة وصنيع غير مكفور
لا أمة ذات تأريخ ولا وطن … كل هباء وشيء غير مذكور
والجهل أنفع ما ترقى الشعوب به … والذي أسمى الأماني للجماهير
وليس للمرء من مال ولا ولد … إلا على خطر أو رهن تدمير
لا يملك النفس إلا أن يؤخرها … من أمره الأمر في أخذ وتأخير
تلك الحياة فقل للآخرين بها … قول الرسول رويدا بالقوارير
قالوا الحماية عن أعناقكم وضعت … فليس مطويها يوما بمنشور
فاستبشروا اليوم باستقلالكم وخذوا … حق البلاد جميعا غير مبتور
وغاية الجود بين الناس أن يجدوا … صيد النسور طعاما للعصافير
رواية وخيالات منمقة … تصاغ من دار نواب ودستور
ماذا لنا وحياة النيل في يدكم … والأمرأجمع من نقض وتقرير
دعوا المزاح فإنه أمة صدقت … لا تطلبوا الأمر أمسى غير ميسور
إن المشارق هبت بعد هجعتها … تطوي الجواء وتلوي بالأعاصير
ترمي النسور فتهوي عن معاقلها … في السحب من جبل عال ومن سور
أوفت على الأفق المسود فانصدعت … سود الغياهب عنه والدياجير
أثارها الفاتح الغازي وأرسلها … ملء الدنى والمنايا والمقادير
تجيش في كل مستن ومنسرب … والبأس يصرخ في آثارها سيري
سيري مشمرة لا تبتغي دعة … فالسيف خلفك ذو جد وتشمير
والحق ليس بناج في جلالته … إلا إذا لاذ بالبيض المآثير
هي الدواء لداء البغي ينزعه … من النفوس ويشفي كل مصدور
إن السياسة للأقوام مهلكة … فلا يغرنك منها طول تغرير
إذا تداوى بها المغلوب طاح به … كيد الأساة وتضليل العقاقير
تطوي الممالك في الأكفان من ذهب … جم التهاويل فتان التصاوير
ترى التوابيت تزجى في مخالبها … بين المعازف شتى والمزامير
مواكب الشرق لا قامت مواكبه … إلا على كبة الشم المغاوير
القائمين بحق السيف ما ظلموا … يوما ولا عابهم خصم بتقصير
لا يطعم الضرب إلا حين يجمعهم … يوم يبرح بالجرد المحاضير
من كل منذلق الغارات يوطئها … أعقاب كل حثيث الركض مدحور
تسترعف الحرب منه حد منصلت … طب المضارب بالأعناق مطرور
إذا الصفوف على راياته التحمت … تكشفت عن عزيز البأس منصور
لا يتقي الروع إن صاح النذير ولا … يلقي إلى السيف يوما بالمعاذير
يرى الخلافة عرضا والهلال دما … ومجد عثمان دينا جد موفور
ولا يعد حياة الشعب مسكنة … في محصد القيد أو في محكم النير
إن الذي خلق الإنسان حرره … فلن يدين برق بعد تحرير
الدين والعقل لا يعطي مقادته … سواهما كل منهي ومأمور
والنفس لا تحمل الإيمان إن حملت … حب التماثيل أو خوف النواطير
الحكم لله والأقدار جارية … والموت آت ويبقى كل مأثور
ما أجدر الناس باستعظام أنفسهم … وأجمل الصمت بالقوم المهاذير
هل حارب الله إلا كل ذي سفه … أو شاغب الحق إلا كل مأجور
لا يغلب الحق يردى في كتائبه … جند الدراهم أو جيش الدنانير
إن الألى زلزلوا الدنيا بأنقرة … واستجفلوا الناس من صاح ومخمور
ألقوا على الشرق آيات مبينة … بيض الصحائف من نصح وتذكير
لم يبعثوا الحرب حتى اجتاح عاصفها … مكر الدهاة وتدبير المناكير
الحرب عند بني عثمان معجزة … تعيي العقول وتلغى كل تدبير
لولا الذي إبتدعوا في الدهر من سير … مشهورة الذكر أضحى غير مشهور
في ذمة الترك دنيا لا تضيق بها … سيوفهم وزمان غير معسور
يأتي فيستل من أكفانها أمما … ضاقت بها سعة الأجداث والدور
تشكو المشارق دنيا غير صالحة … مكروهة وزمانا غير مبرور
أظلها الفاتح الغازي وشارفها … عهد من الخير ميمون التباشير
لا أخلفتك الأماني من مولهة … يبكي لها الناس من حر ومقصور
كلمات: سعود شربتلي
ألحان: طلال مداح